
(
وملحق النصيحة )
الطبعة
الثانية

الـمـقــــــــــــدمـة
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد, وعلى آله,
وأصحابه أجمعين .. أما بعد:
فإن
الله بعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم
بالهدى ودين الحق ، والهدى: هو العلم النافع, ودين الحق: هو العمل الصالح،
فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة, ونصح الأمة، وكشف الغمة، وتركنا على مثل البيضاء,
لا يزيغ عنها إلا هالك، عليه من الله أفضل الصلاة والسلام، وأخبرنا عليه الصلاة والسلام
بأن الله يرضى لنا ثلاثاً، ويكره لنا ثلاثاً، يرضى لنا أن نعبده ولا نشرك به
شيئاً، وأن نعتصم بحبل الله جميعاً ولا نفترق، وأن نناصح من ولاَّه الله أمرنا،
فرضي الله لنا وحدة العقيدة, ووحدة الاتباع، ووحدة المنهج، فامتثل صدر هذه الأمة
وصايا النبي صلى الله عليه وسلم .. فكانوا على الهدى القويم ، والصراط المستقيم ، فحصلت لهم الخيرية التي أخبر
عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "
خير الناس قرني, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم " متفق عليه.
ولكن! خلفت خلوف، خالفت سلف الأمة في المعتقد، والقول، والعمل .. وسلكت
طريق البدعة, فأحدثوا في دين الله تعالى ماليس منه, ونسبوا للشريعة ماليس منها, بل
تمادى بهم الغي والضلال إلى القول على الله تعالى بغير علم, فعطلوا صفاته,
وأوَّلوا محكم آياته, وتنقصوا رسله وأنبياءه, وتطاولوا على سلف هذه الأمة, سبّاً,
وشتماً, وكفَّروا المسلمين بغياً وظلماً, [فعقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان
الفتنة, فهم مختلفون في الكتاب, مخالفون للكتاب, مجمعون على مفارقة الكتاب, يقولون
على الله, وفي الله, وفي كتاب الله بغير علم, يتكلمون بالمتشابه من الكلام,
ويخدعون جهَّال الناس, بما يشبِّهون عليهم, نعوذ بالله من شُبَهِ المضلين]([1]). فهيأ الله لها جهابذة الإسلام, فنفوا زيفها،
وتحريفها، وتأويلها، وتلبيسها، وتعطيلها، فكشفوا البدعة وأصحابها, ونقُّوا الشريعة
الغرّاء مما أصابها, فعلوا ذلك نصحاً لله تعالى, ولرسوله, ولكتابه, ولأئمَّة
المسلمين, وعامتهم, ووفاءً للعهد والميثاق, الذي أخذ الله عليهم, ورداً للناس لما
كان عليه سلف هذه الأمّة, فهم العلماء الربّانيون, ورثة الأنبياء والمرسلين,
فجزاهم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
ومن
أولئك المضلين ( سيد قطب ) الذي أضحت كتبه فتنة للشباب، ودعوته محنة على الإسلام،
لما اشتملت عليه من التكفير، والتفجير، والتنفير، والتحذير، والدعوة للانقلابات,
والاغتيالات، فضلاً على اشتمالها على إنكار الصفات، وتأويل الآيات المحكمات، وتنقص
الأنبياء، وسب الخلفاء، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلف هذه الأمة، إلى
غير ذلك من الانحرافات العقدية، والفقهية، والمنهجية، فتأثر بها الشباب، وحولوا
مافيها من توصيات وأقوال، إلى جرائم وأفعال، سفكت بسببها دماء، وانتهكت محارم
وأموال، وَصَرَفت جهود المصلحين, من الحكام والمحكومين, عن عدوهم الظاهر [ من
اليهود, والنصارى, والملحدين, والمنافقين
], إلى عدو باطن من بني جلدتهم، فأصبح
أولئك المصلحون بين عدوَّين :
عدوٌّ يتهددهم من الخارج، وعدوٌّ
يفتح الحصن من الداخل، لتأثره بما في هذه
الكتب من الانحرافات. فكان لزاماً كشف هذه
الانحرافات لِتُحْذَر، فألف فيها العلماء وبينوها، وحذروا منها غاية التحذير وأنكروها،
فجمعت ما يسر الله جمعه من كلامهم، وكلام السلف في أهل البدع وسميته: (الـنصـيـحـة)
حيث وجهتها لأحد الأخوة, الذين أشكل عليهم أمـر (سيد قطب), وقد عرضتها على فضيلة
الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان ـ عضو هيئة كبار العلماء _حفظه الله_, فرأى
نشرها بقوله :
[ اطلعت
عليها كما طلبتم، وأرى أنها مناسبة جداً، يجدر نشرها وتوزيعها، بارك الله في
جهودكم ], كما في رده المرفق.
ثم ألحقت بها ملحقاً نافعاً _إن شاء الله تعالى_, بعد وصول رد الشيخ _حفظه
الله _ اشتمل على فصول مفيدة لطالب الحق،
سائلاً المولى عز وجل أن ينفع بها,
ثم عرضت النصيحة والملحق على فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري _حفظه الله_,
فقدم بهذه المقدمة النافعة, فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً.
وصلى
الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد .
وكتبه / أبوطارق
سعيد بن هليل العمر
مدير المعهد العلمي في حائل
توصية الشيخ صالح الفوزان
تقديم الشيخ/ عبيد بن عبد الله
الجابري
الحمد
لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له, الملك الحق المبين, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله,
الصادق المصدوق الأمين, وسيد ولد آدم أجمعين, صلى الله عليه, وعلى آله, وأصحابه
الطيبين الطاهرين, وسلم تسليماً كثيراً, على مر الأيام والليالي, والشهور والسنين,
أما بعد ...
فقد
استعرضت ما كتبه أخونا الفاضل, الشيخ / سعيِّد بن هليل العمر, مدير المعهد العلمي
بحائل, بعنوان: ( النصيحة, وملحق النصيحة), فألفيت ذاك البحث, نافعاً ماتعاً, جميل
الأسلوب, جزل الألفاظ, سلك فيه كاتبه _شكر الله له_ مع المنصوح, الأدب الرفيع,
مقتفياً سبيل أهل السنة في المناصحة, ومما يزيد البحث جمالاً وقوةً, أمران:
أحدهما:
التعويل في الاستدلال على الغرض, بالنصوص من الكتاب والسنة.
وثانيها:
الآثار السلفية المنقولة, عن أئمة السلف, ودعاة الحق قديماً وحديثاً.
نشكر
الله لأخينا الشيخ سعيد صنيعه, وبارك في جهوده, وسلك بنا وبه سبيل المؤمنين, من
الصحابة والتابعين, ومن بعدهم من الهداة المهتدين, والصلحاء المصلحين.
وصلى
الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله, وصحبته أجمعين.
وكتبه / عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري
المدرس بالجامعة الإسلامية سابقاً
وحرر في العاشر من صفر عام ستة وعشرين وأربعمائة وألف
وكان بالمدينة النبوية
10/2/1426
عبيد الجابري

بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة
والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فقد
بلغني, أن بعض الناس لا يرضون انتقاد منهج سيد قطب, وبيان أخطائه التي وقع فيها في
كتبه, ويقولون: إن علماءنا لا يحذرون من الأعيان, بل يكتفون بلفظ: مابال أقوام,
ولما كان ما ذكر ليس من منهج علمائنا, _ رحم الله الأموات, وحفظ الأحياء_ ولا من منهج السلف الصالح في نقد المخالف، كتبت
هذه الرسالة لأحد إخواننا الذين أشكل عليهم
هذا الأمر، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (الـديـن الـنــصــيـحـة ) رواه مسلم .
أخي
في الله:
لا
يخفى عليك, أن من الأصول الثابتة في منهج السلف الصالح, أن الرجال يعرفون بالحق,
ولا يعرف الحق بالرجال, وأن حماية حوزة
الدين واجبة, وأن أهل العلم مؤتمنون عليه .
ومن
المعلوم, أن السائرين على منهج السلف الصالح, جعلهم الله رحمة للخلق؛ لأنهم يعلمون
الحق, ويرحمون الخلق ، ومَن سواهم, يجهلون الحق, ويُلَبسون على الخلق.
ومن
أصول منهج السلف الصالح, الرد على المخالف, مهما بلغ قدره, وعلت منزلته, فضلاً عن
الرد على أهل البدع والضلال .
ولما
قيل للإمام أحمد_ رحمه الله _ : ( الرجل يصلي ويصوم _ يعني النافلة_ أو يرد على
أهل البدع؟ قال: [ صومه وصلاته لنفسه ، ورده على أهل البدع له وللمسلمين ، هذا
أفضل].
ولقد
أرشد الله _عز وجل_ أنبياءه ورسله في كتابه، وسماهم بأسمائهم قال تعالى: { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ
النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} سورة ص: الآية: 26 .
وقال
لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ {44} لأخَذْنَا مِنْهُ
بِالْيَمِينِ {45} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ {46}} سورة الحاقَّة.
وذم
الله في كتابه فرعون, وهامان, وقارون وغيرهم.
وقال
النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الخويصرة التميمي " يخرج من ضِئضئ هذا قوم ...الحديث
" (يعني الخوارج) متفق عليه.
وأخبر
أن منهم ذا الثدية.
وقال
لأبي ذر:"إنك امرؤ فيك جاهلية " متفق عليه.
وقال
عليه الصلاة والسلام :" أما معاوية, فصعلوك لامال له، وأما أبو جهم فَضَرَّابٌ
للنساء" متفق عليه .
وقالت
هند للنبي صلى الله عليه وسلم:( إن أبا سفيان رجل شحيح ) متفق عليه.
ولقد
كان الصحابة _رضي الله عنهم_, يرد بعضهم على بعض بالاسم.
كما
قال ابن مسعود: (لئن أفتيتُ بمثل ما أفتى به أبو موسى, لقد ضَلَلتُ وأََضلَلتُ ). رواه البخاري .
وقال
ابن عمر في القدرية:(أخبرهم أني بريء منهم, وأنهم مني برآء) رواه مسلم.
وردَّت عائشة رضي الله عنها على
عدد من الصحابة بأسمائهم, وكذلك غيرها من الصحابة.
وانظر كتاب:(الإجابة في إيراد ما
استدركته عائشة على الصحابة) للزركشي .
وما زال السلف الصالح, يردُّ بعضهم على بعض بأسمائهم,
هذا فيما بينهم .
أما
المخالف فلا تخفى عليك مؤلفات الجرح والتعديل للأشخاص ، ومؤلفات الأئمة من أهل
السنة, على أهل البدع, والتحذير منهم بأعيانهم, وأسمائهم, وألقابهم, بل والتقرب
إلى الله _عز وجل_ بهذا.
قال
الإمام البغوي _رحمه الله تعالى_: (وقد مضت الصحابة, والتابعون, وأتباعهم, وعلماء
السنن, على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدع, ومهاجرتهم ). [ شرح السنة: 1/277 ].
وقال
الشاطبي: ( إن فرقة النجاة, وهم أهل السنة, مأمورون بعداوة أهل البدع, والتشريد
بهم, والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم, ونحن مأمورون بمعاداتهم, وهم مأمورون
بموالاتنا, والرجوع إلى الجماعة ). [الاعتصام:
1/120 ].
وقال
الإمام أبو عثمان إسماعيل الصابوني _رحمه الله تعالى_ حكايةً عن أهل السنة: (ويبغضون
أهل البدع, الذين أحدثوا في الدين ماليس منه, ولايحبونهم, ولايصحبونهم). [عقيدة السلف أصحاب الحديث:ص118].
وقال
الفضيل بن عياض _رحمه الله تعالى_: ( من أحب صاحب بدعة, أحبط الله عمله, وأخرج نور
الإسلام من قلبه ). [البربهاري :ص138
وإسناده صحيح].
وعن
أوس بن عبد الله الربعي, أنه كان يقول: ( لأن يجاورني القردة والخنازير في دار,
أحب إليَّ من أن يجاورني رجل من أهل الأهواء ). [ شرح أصول الاعتقاد للالكائي : 1/131].
ولكن!
لما خلفت هذه الخلوف ، وكثرت مناهج أهل البدع والضلال ، المخالفة لمنهج السلف
الصالح، حفظوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما بال أقوام", وقعَّدوا
القواعد, كقاعدة: (نجتمع ونتعاون فيما اتفقنا فيه, ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا
فيه ).
وقاعدة
الموازنات بين الحسنات والسيئات ، وقاعدة الإنصاف وقولهم : (إن مشايخنا لا يصنفون
الناس، ولا يذكرون المخالف بعينه)، حتى يسكت عن بدعهم, وأخطائهم, وضلالهم.
ولاشك
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في مجتمع الصحابة الطاهر النقي, وقيلت لأقوام
وقعوا في خطأ اجتهادي، ولا بأس باستعمالها في موضعها، ولكل مقام مقال كما قيل، أما
أن يتترس بها أهل البدع, ويقولون ليس من منهج السلف ذكر الأعيان, فهذا قول باطل
باتفاق الأئمة المعتدِّ بهم , ولاشك أن في هذا قدحاً لعلمائنا ، إذا كانوا لا
يردون على المخالف.
وردود
علمائنا شاهدة على بطلان هذه الدعوى, فارجع إلى الدرر السنية في الأجوبة النجدية,
وتأمل مافيها من الأسماء, وكذلك اشتملت مجلة البحوث العلمية والإفتاء, وفتاوى
اللجنة الدائمة, وهيئة كبار العلماء, على أسماء كثيرة, رد عليها بأسمائها، وخاصة
الشيخ / عبد العزيز بن باز _غفرالله له_، والشيخ صالح الفوزان _حفظه الله_.
وقول
بعضهم: ( إن منهج علمائنا, الرد دون ذكر الأسماء ) ، قول عارٍ من الصحة, فعلماؤنا
هم الذين علَّمونا الرد على المخالف, وبيان انحرافه, وخاصة بعد وضوح الخطأ, ومن
أمثلة ذلك: أن الشيخ عبد العزيز بن باز _غفر الله له_ قد كتب رسالة للشيخ سعد
الحصين عام 1407هـ, حول جماعة التبليغ, وأنها جماعة لا بأس بها, لعدم اتضاح منهجها
للشيخ آنذاك, وعندما تبين ضلالها, وانحرافها في العقيدة, صدر منه فتاوى كثيرة في
شأنها, فمن ذلك أنه عندما كان في الطائف قبل وفاته بعامين, _رحمه الله_ عندما كان
يشرح كتاب المنتقى, وهو مسجَّلٌ بصوته, ( قال له سائلٌ: أحسن الله إليك, حديث
النبي صلى الله عليه وسلم في افتراق الأمم, قوله: " ستفترق أمتي على ثلاث
وسبعين فرقة إلا واحدة .." الحديث, فهل جماعة التبليغ على ماعندهم من شركيات
وبدع, وجماعة الإخوان المسلمين على ماعندهم من تحزُّبٍ وشقِّ العصا .... هل هاتان
الفرقتان تدخلان في [ الفرق الهالكة ]؟!.
فقال
الشيخ _رحمه الله تعالى_ :
(
تدخل في الثنتين والسبعين, ومن خالف عقيدة أهل السنَّة دخل في الثنتين والسبعين,
المراد بقوله: " أمَّتي ", أي : أمَّة الإجابة, استجابوا له, وأظهروا
اتباعهم له, ثلاث وسبعون فرقة, الناجية السليمة التي اتبعته واستقامت على دينه,
واثنتان وسبعون فرقة: فيهم الكافر, وفيهم العاصي ، وفيهم المبتدع ، وأقسام ).
ثم
قال السائل: يعني هاتان الفرقتان من ضمن الثنتين والسبعين؟
قال الشيخ : نعم, من ضمن الثنتين والسبعين,
والمرجئة والخوارج, بعض أهل العلم يرى الخوارج من الكفار خارجين, لكن! داخلين في
عموم الثنتين والسبعين). أ.هـ
ولو
تأملت كتاب: (صور مضيئة من جهود الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله) في الرد على
المخالف ، لعلمت قوة علمائنا _رحمهم الله_ على المخالف ، ولكن هؤلاء لا يجالسون
العلماء, فيعرفون أقوالهم, ولا يقرؤون كتبهم ، فتراهم ينسبون لهم ما هم منه برآء،
إما مكراً وإما جهلاً والأول أكثر .
ولو
تأملت كتب السلف, لوجدت أعداداً عظيمة, ذكرت بأسمائها وألقابها على وجه التحذير منها،
فكم رجل تكلم فيه الإمام أحمد, ولو تأملت كتابه الرد على الجهمية والمعطلة, لبان
لك شيء من ذلك، وكم ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية من مبتدع باسمه, فانظر كتابه الرد
على البكري, والرد على الأخنائي, وغيرهم من أئمة الضلال المخالفين لمنهج السلف,
وكذلك ابن القيم حذر غاية التحذير من قوم بأعيانهم, واشتملت نونيته, وغيرها من
كتبه ( كالصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة )
على عدد كبير منهم.
وألف
ابن عبد الهادي _رحمه الله_ كتابه المشهور: ( الصارم المنكي في الرد على السبكي).
وهل
نسيت قول الشيخ عبد العزيز بن باز _غفر الله له_ في المسعري: (إنَّه خبيث ضال)
وخطر المسعري, لا يساوي خطر ماقرره سيد قطب من تكفير، وتفجير, وفساد عقدي .
وهذا
الشيخ ابن عثيمين _غفر الله له_ يقول عن سيد قطب : ( لولا الورع لكفرته) كما بين
ذلك الشيخ العبيكان _وفقه الله_ .
ويقول
فيه الشيخ عبد العزيز بن باز _غفر الله له_ عن قوله في موسى: (إنه شاب عصبي ) قال:
(هذا كفر ), وقال مرة : (الاستهزاء بالأنبياء ردة مستقلة).
وكم
قمع الشيخ الألباني _غفر الله له_ من مبتدع في كتبه, وحذر منه غاية التحذير باسمه
ورسمه, ولم يقل ( ما بال أقوام ) لأن لكل مقام مقالا .
وإليك أقوال أهل العلم فيه :
قال
الشيخ محمد بن صالح العثيمين في سيد قطب: .. ( قرأت تفسيره لسورة الإخلاص, وقد قال
قولاً عظيماً فيها, مخالفاً لما عليه أهل السنة والجماعة, حيث أن تفسيره لها, يدل
على أنه يقول بوحدة الوجود ).
وقال
الشيخ صالح الفوزان عندما عرض عليه قوله في الظِّلال: [ كان الرِقُّ نظاماٌ
عالمياً, تجري فيه المعاملة على المثل في استرقاق الأسرى من المسلمين وأعدائهم ، ولم يكن للإسلام بد من
المعاملة بالمثل ].
قال
الشيخ صالح: (هذا كلام باطل, ومن قاله فإنه يكفر, أما من قاله جاهلاً, أو مقلداً,
فهذا يعذر بالجهل, والجهل آفة قاتلة والعياذ بالله ) .
وقال
الشيخ عبدالله الغديان لما سئل عن قراءة كتب سيد قطب قال: (الجواب: أن الشباب
ينصحون بعدم قراءتها، وأنهم يقتصرون على دلالة القرآن, ودلالة السنة, وعلى ما كان
عليه الخلفاء الأربعة, والصحابة, والتابعون ) .
وقال
الشيخ ربيع المدخلي : ( اشتملت كتب سيد قطب على بدع كبرى كثيرة مردية, وأنها أخطر
على شباب الأمة من السموم الفتاكة, والأسلحة المدمرة, لأنها تدمر العقل, والعقيدة,
فهل يُنتظر فساد أكبر من هذا ؟؟) .
وقال
الشيخ الألباني – رحمه الله – معلقاً على كتاب [ العواصم مما في كتب سيد من
القواصم ] للشيخ ربيع _حفظه الله_: ( كل ما رددته على سيد قطب حق وصواب, ومنه
يتبين لكل قارئ للثقافة الإسلامية, أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله
وفروعه ) .
وقال
الشيخ عبدالله الدويش _رحمه الله_ في مقدمة كتابه [ المورد العذب الزلال في
التنبيه على أخطاء الظِّلال] : ( فقد كثر السؤال عن كتاب: [ في ظلال القرآن]
لمؤلفه سيد قطب, ولم أكن قد قرأته, فعزمت على قراءته, فقرأته من أوله إلى آخره,
فوجدت أخطاءً في مواضع, خصوصاً ما يتعلق بعقيدة أهل السنة والجماعة, وعلم السلوك,
فأحببت التنبيه على ذلك, لئلا يغتر به من لا يعرفه ).
وقال
معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ : ( وأيضاً اشتمل كتابه على كثير من
البدع والضلالات, فكتاب سيد قطب [ في ظلال القرآن] ما فيه من التحريفات, أكثر مما
في كتب الصابوني... ) في حديث طويل عند شرحه لمسائل الجاهلية لشيخ الإسلام محمد بن
عبدالوهاب رحمه الله.
وما
أكثر ما سمعت شيخنا الشيخ عبد الله بن صالح العبيلان _وفقه الله_, يحذر من هذه
الكتب, وهذه المناهج, ويوصي بلزوم منهج السلف الصالح, وهذا منثور في دروسه, وكتبه, ومحاضراته.
ولكن
الأمر كما قال الله تعالى :{ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ
الَّتِي فِي الصُّدُورِ {46}}الحج.
فآمل
من أخي الفاضل ألا يلتبس عليه الأمر, وأن يعرف من يقال معهم: ما بال أقوام, ومن
يحذر منهم بأعيانهم .
وإذا كنت تجهل حال الرجل فإليك
بعض أقواله :
1.
سمى
الله بالريشة المعجزة. [ راجع التصوير الفني ] .
2.
سمى
الله بالعقل المدبر. [المرجع نفسه ].
3.
عطل
صفة الاستواء, والنزول, واليد, والمجيء, والرؤية, والسمع, والكلام, والعلو. [ راجع
الظلال ].
4. قال عن إبراهيم ـ عليه السلام ـ أنه شاكٌّ في ربِّه,
وأن إكرامه للضيف, كان من عادة البدو, وليس من فضل إبراهيم .
5.
قال
عن موسى : (إنه زعيم, مندفع, عصبي المزاج ), قال الشيخ ابن باز: الاستهزاء
بالأنبياء ردَّةٌ مُستقِلَّةٌ .
6.
يشكك
في تكليم الله لنبيه موسى _عليه السلام_.
7.
ينكر
رفع عيسى _عليه السلام_ .
8.
يقول
عن كلام الرسل: أنه فكر بشري .
9.
يقول
عن قَتَلة عثمان: إنهم يحملون روح الإسلام .
10. ويقول: تحطمت
أسس الإسلام, في عهد عثمان .
11.
ويقول:كانت خلافة عثمان, فجوة بين خلافة الشيخين,
وخلافة علي رضي الله عنهم جميعاً.
12. وصف معاوية بن أبي سفيان, وعمرو بن العاص بما يلي :
الكذب ، الغش ، الخديعة ، النفاق ، الرشوة ، شراء الذمم ، الدرك الأسفل من الأخلاق
. قال الشيخ بكر أبو زيد عضو هيئة كبار
العلماء : قال أبو زرعة الرازي: (إذا رأيت االرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم, فاعلم أنه زنديق) .
انظر كتابه ( تصنيف الناس بين الظن واليقين).
13. يقول عن القرآن: أنه مصنوع, وأنه صناعة الله .
14. ويقول: في الآية إيقاعات موسيقية .
15. ويقول عن العرش: إنه رمز العظمة, والملك, والسيطرة,
والاستعلاء, عدولاً عن إثبات عرش الرحمن .
16. وانظر إلى تفسيره لـ ( لا إله إلا الله ) .
17. ويقول عن عقيدة الهندوك ( النيرفانا )_أي: الفناء في
الروح الأعظم _: فلنقف أمام قداستها خاشعين. كما في ( كتب وشخصيات ) .
18. ويرى أن المجتمعات الإسلامية, مجتمعات جاهلية ومرتدة
، ويقول عن المآذن أنها معابد الجاهلية, ومساجد الضرار .
19. ويقول في كتابه الظلال: ارتدت البشرية إلى عبادة
العباد, وجور الأديان, وإن ظل فريق منها, يردد على المآذن لا إله إلا الله .
إلى
غير ذلك من العظائم, التي لا يعلم خطرها إلا الله, والتي ما زالت تضرب الإسلام
وأهله, رأساً على عقب، فما هذه التفجيرات, والانتحارات, واستحلال دماء المسلمين,
والمعاهدين, وإرهاب المسلمين؛ إلا ثمرات لهذه الأفكار المدونة في كتب سيد, وأتباعه
من الحزبيين والحركيين, والتي تطبع وتباع, وتهدى لشباب المسلمين في أقطار الدنيا .
فلما
بيَّن العلماء الربانيون ضلال هذه المناهج, وركَّزوا على كتب سيِّد لأنها هي
المؤجج لنار الفتنة, احمرَّت أنوف الحزبيين والحركيين, وأخذوا يقعِّدون القواعد
الباطلة, كقاعدة الموازنات بين الحسنات والسيئات, والإنصاف واستعمال: ( ما بال
أقوام ) على غير وجهها, حتى لا يظهر عوار تلك المناهج الباطلة .
أخي
في الله: لا يخفى عليك, أن كتب سيِّد لا تخلو منها كثير من المكتبات وخاصة (الظلال),
مع احتوائه على أخطار محدقة في توجهات الشباب ، وكذلك رسائله الخطيرة مثل: [ لماذا
أعدموني؟، والعدالة الاجتماعية، والتصوير الفني، وكتب وشخصيات] بل وجد من يأمر
الشباب بتلخيصها, وإجراء المسابقات عليها حتى ترسخ في أذهانهم .
وذكر
لي أحد المعلمين في إحدى الثانويات, أن أحد الموجهين جاء لتقييمه فسأله عن مرجعه
في التفسير, يقول فقلت: تفسير ابن كثير, وابن سعدي، فقال: عليك بتفسير الظلال فإنه
لا نظير له.
أخي
الفاضل: أبعد هذا تستعمل كلمة: ( ما بال أقوام ) مع من يقود شبابنا إلى التهلكة؟؟
بل والله شر من التهلكة, يقادون للانتحار، والتدمير، والتفجير، والإرهاب، والقتل
دون تفريق وتمييز, مع مايلحقهم من الخلل العقدي والفكري، ونحن لا نزال نردد( ما
بال أقوام ) في غير موضعها, وكتب الأقوام بأيدي شبابنا, وتفاسيرهم هي مرجعهم .
قال
إبراهيم بن ميسرة_ رحمه الله_: (من وقًَّر صاحب بدعة, فقد أعان على هدم الدين). [رواه اللالكائي برقم 273] .
وقال طاووس لما رأى معبد الجهني يطوف بالبيت : ( هذا
معبد فأهينوه ).
[ رواه اللالكائي:1/114 ].
وقال
شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله تعالى_:( إن الدعاة إلى البدع لاتقبل شهادتهم,
ولا يصلى خلفهم, ولا يؤخذ عنهم العلم). [ مجموع
الفتاوى:28/205].
وقد
جمع أحدهم رسالة في التمكين والاستخلاف, لا تتجاوز خمسين صفحة نقل فيها عن سيِّد
قطب اثنتي عشرة مرة, وهل من يهزأ بالأنبياء, والصحابة, ويكفر المجتمعات الإسلامية,
مع ماعنده من الخلل العقدي, والفقهي, والمنهجي, كفء لأن ينقل عنه, في الاستخلاف
والتمكين, أو يعرف أسباب التمكين والاستخلاف؟
ولكنها
خلوف, فالقوم لم يمكَّنوا منذ تأسيس حزبهم إلى الآن, حتى يعلِّموا غيرهم أسباب
التمكين والاستخلاف.
واسمع
(لسيِّد قطب) يقول في كتابه (معالم في الطريق) الذي نقل منه في الرسالة مرتين:
(
يدخل في إطار المجتمع الجاهلي (الكافر), تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها
مسلمة… لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله ، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية
لغير الله، ولكنها تدخل في هذا الإطار؛
لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها ). أي لأنها تركت توحيدهم المبتدع, توحيد الحاكمية فقط, أما ترك
غيرها من أمور العقيدة فلا يهم .
ويقول: (في ظلال القرآن) ارتدت البشرية إلى عبادة
العباد, وجور الأديان, وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: (لا إله إلا الله ) .
ويقول في (العدالة الاجتماعية ) : ونحن نعلم أن
الحياة الإسلامية على هذا النحو, قد توقفت منذ فترة طويلة, في جميع أنحاء الأرض,
وأن وجود الإسلام ذاته من ثم قد توقف كذلك ) فحكم بكفر جميع المسلمين في كل مكان.
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز في درس في منزله عام
1413هـ في شريط مسجل لدى تسجيلات [ منهاج السنة ] في الرياض وهو يسأل عن تفسيره [ الظلال
], وعن تفسيره للاستواء عندما فسره بالهيمنة, قال: ( هذا كلام فاسد، ما أثبت
الاستواء، هذا باطل يدل على أنه مسكين ضائع في التفسير ).
وفي درس لسماحته _رحمه الله_ يشرح فيه [ رياض
الصالحين ] يوم الأحد 18/7/1416هـ عرض على الشيخ كلام سيد في الصحابة عندما قال : (
وحين يركن معاوية, وزميله عمرو, إلى الكذب, والغش, والخديعة,
والنفاق, والرشوة, وشراء الذمم, لا يملك ( عليٌّ ) أن يتدلَّى إلى هذا الدرك
الأسفل، فلا عجب، ينجحان, ويفشل, وإنه لفشل أشرف من كل نجاح ).
قال
الشيخ رحمه الله: هذا كلام قبيح, وكلام منكر، وقال مرة: كلام سقيم وخبيث ، وسب
لمعاوية وعمرو بن العاص، فقال السائل: ألا ينهى عن هذه الكتب التي فيها هذا الكلام
؟.
قال
رحمه الله: ينبغي أن تمزق. اهـ
وهؤلاء
يحيلون شبابنا عليها, لتكون مرجعاً لهم في التكفير, والتفجير, والضلال, والانحراف
وينهون عن انتقادها, ويغضبون على منتقدها، وما أشبه الليلة بالبارحة, فاسمع إلى توصيات سيِّد قطب للشباب وهو يقول:
[
والذي قلته لهم ليفكروا في الخطة والوسيلة, باعتبار أنهم هم الذين سيقومون بها,
بما في أيديهم من إمكانيات... وهذه الأعمال هي الرد فور وقوع اعتقالات لأعضاء
التنظيم, بإزالة رؤوس, في مقدمتها رئيس الجمهورية, ورئيس الوزارة, ومدير مكتب
المشير, ومدير المخابرات, ومدير البوليس, الحربي ثم نسف لبعض المنشآت التي تشل
حركة مواصلات القاهرة, لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها, وفي خارجها كمحطة
الكهرباء, والكباري, وقد استبعدت فيما بعد نسف الكباري, كما سيجيء] . انظر لماذا
اعدموني .. صفحة 55.
وفي
صفحة (50) من المرجع نفسه يقول : [ وأما
السلاح, فكان موضوعه له جانبان: أنهم أخبروني ( أي أعضاء التنظيم ), ومجدي هو الذي
كان يتولى الشرح في هذا الموضوع, أنه نظراً لصعوبة الحصول على مايلزم منه حتى للتدريب, فقد أخذوا في محاولات لصنع
بعض المتفجرات محلياً ، وأن التجارب نجحت
وصنعت بعض القنابل فعلاً, ولكنها في حاجة إلى التحسين, والتجارب مستمرة ...
والثاني:
أن علي عشماوي زارني على غير ميعاد, وأخبرني أنه كان منذ حوالي سنتين قبل التقائنا,
قد طلب من أخ في دولة عربية قِطعا من الأسلحة، حددها له في كشف، ثم ترك الموضوع من وقتها، والآن جاءه خبر منه, أن هذه
الأسلحة سترسل, وهي كميات كبيرة, حوالي عربية نقل، وأنها سترسل عن طريق السودان,
مع توقع وصولها في خلال شهرين ].
فانظر _حماك الله_ كيف آل هذا التنظيم بأهله,
وبالمسلمين إلى ما تسمعه وتراه, من القتل والتخريب, بعد فساد العقول والأديان .
فإن قالوا: ننقل عنهم, ونحيل على كتبهم, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحقَّ من
الشيطان عندما قال: ( صدقك وهو كذوب ) فيقال لهم: وهل قبل النبي صلى الله عليه
وسلم الحقَّ فقط وسكت عن الباطل؟! أم قبل الحقَّ وبيَّن الباطل بقوله: (وهو كذوب )
!!!
فلماذا يخالفون هدى النبي صلى الله عليه وسلم,
فينقلون ما يظنونه حقاً, ويكتمون الأباطيل الكثيرة عن شباب المسلمين.
واعلم _بارك الله فيك_ أن الشيطان قد يلبِّس على بعض
الناس, فيُظَن أن السكوت عن أهل الباطل, وأهل البدع, وعدم ذكر أسمائهم من الورع،
وهذا من تلبيسه, ومن مداخله على الإنسان, ولئن يلقى المؤمن ربه, وقد طعن في أهل
البدع, وسماهم, وحذر منهم, خير له من أن يلقى الله عز وجل، ولم يذب عن دينه,
وأنبيائه, وصحابة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وسلف هذه الأمة, ولم ينصح لشباب
المسلمين, وعموم المسلمين المغترين بهذه الكتب .
فإن قال قائل: أذبُّ عن دين الله عز وجل دون التعرض
للأسماء, فيقال: هذا نقض للميثاق الذي أخذه الله عز وجل على أهل العلم بقوله:{وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ
أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ
وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ
{187}} آل عمران.
وهو أيضاً هدم لمنهج السلف القائم على التحذير من أهل
البدع بأعيانهم وجرحهم, حفظاً للدين وأهله.
قال
البيهقي وهو يتحدث عن الشافعي:(وكان الشافعي رضي الله عنه شديداً على أهل الإلحاد,
وأهل البدع, مجاهراً في هجرهم ) [ مناقب
الشافعي 1/469]
وقال
الإمام أحمد _رحمه الله_: ( إذا سلّم الرجل على المبتدع, فهو يحبه). [طبقات
الحنابلة 1/196].
فكيف
بمن يدافع عنه ويحيل عليه ؟؟.
وقال
الإمام أبو عبد الله ابن بطة _رحمه الله_: ( ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً
مما ذكرناه من البدع, وهجرانه، والمقت له، وهجران من والاه ونَصَره، وذب عنه ،
وصاحبه ، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنة ). [ الشرح والإبانة ص282].
وقال
الإمام أحمد _رحمه الله_ عندما سئل عن ابن أبي قتيلة وقيل له: إنه يسب أهل الحديث،
فقال: ( زنديق ).
فكيف بمن يسب موسى عليه السلام, وعثمان رضي الله
عنه وغيره من الصحب الكرام؟ ويقول عن كاتب الوحي معاوية بن أبي سفيان, وعمرو بن
العاص رضي الله عنهما أنهما يستعملان
الكذب, والغش, والرشوة, والنفاق, وشراء الذمم, إلى غير ذلك من الأقوال؛ التي ما
قالها في ابن أبي سلول، مع الخلل العقدي, والفقهي, والمنهجي. وتوصياته للشباب
باغتيال حكامهم, ووزرائهم, ونسف منشآتهم, وجسورهم، وكتبه متداولة بين المسلمين .
ولقد
شنَّع علماؤنا _ وفقهم الله عز وجل _ وغيرهم من علماء أهل السنة على الصابوني، بل
أفتى الشيخ عبد العزيز بن باز _ غفر الله له_ بإحراق تفسيره لاحتوائه على أخطاء,
وتأويل في الصفات، والذي في كتب الصابوني من الأخطاء العقدية وغيرها, لا يبلغ
معشار ما في كتب سيِّد من الضلالات العقدية والمنهجية ، ولكن! لقوة أتباع سيِّد من
الحزبيين والحركيين, وخشية سطوتهم تجد المراوغات الكثيرة عند بعض الناس، والله عز
وجل يقول:
{فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} (المائدة:3).
ويقول
سبحانه: { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ
يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى
مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً {108} هَاأَنتُمْ
هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ
عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً{109}}النساء .
أخي الفاضل :
إن طالب العلم الذي له خلطة بالشباب, يجب عليه نصحهم،
وبيان الحق لهم، وكذلك بيان المنهج القويم لهم, وتحذيرهم من كتب البدع والضلال،
وكذلك التحذير من أهل البدع بأسمائهم وأعيانهم، ليحق الحق ويبطل
الباطل، ولو كره الحزبيون والحركيون ومناصروهم ومحبوهم .
وأخيراً أذكِّر بقول الله عز وجل: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
(الأنعام:153).
وبقوله سبحانه: { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا
شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ
يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } (الأنعام:159) .
وقوله تعالى: { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا
تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرا } (النساء:115).
ويقول سبحانه: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة :100) .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:" عليكم بسنتي, وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي,
عضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة,
وكل ضلالة في النار ". رواه أهل السنن, وهو حديث صحيح .
هذا
والله أسأل أن يرزقنا الهدى والسداد، وأن يهدي شبابنا وعموم المسلمين لما يحبه
ويرضاه، وأن يقينا شر الفتن والبدع وأهلها، وأن يرزقنا السير على منهج أسلافنا
الصالحين.
كما
أرفق لك مذكرة مشتملة على جميع أخطاء سيِّد ، وكذلك رسائل الشيخ سعد الحصين _ حفظه
الله _ المبينة لخطورة كتب سيِّد, وما كان على شاكلتها, وكذلك نسخة من كتاب (العواصم
مما في كتب سيد قطب من القواصم).
وصلى الله على نبينا ورسولنا محمد .
أخوكم / مدير المعهد العلمي في حائل
سعيد بن هليل العمر
الثلاثاء 8/3/1425

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد,
وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:
فقد أرسلت نصيحة لأحد الإخوة, بيَّنْتُ
له فيها منهج العلماء الربانيين في نقد الرجال, وأكثرتُ النقل عن علمائنا الأفاضل,
وكذلك نقلت أقوالاً كثيرة عن علماء السلف, في تعاملهم مع أهل الأهواءِ والبدع, ووجوب
التنفير منهم, والتحذير منهم بأعيانهم, ومن كتبهم, وبمن لجأ إليهم من المنتسبين
للسنة, أو التمس لهم الأعذار, أو هوّن من شأنهم, أو مجَّدَهم, أو أطراهم, أو أحال على
كتبهم, وأن العلم لا يؤخذ عنهم, كما قال شيخ الإسلام _رحمه الله_.
وأننا مأمورون بهجرهم, وهم مأمورون بموالاتنا, إلى غير ذلك من كلام
السلف الثمين, وقد عرضتها على فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان, عضو هيئة كبار
العلماء _ حفظه الله_ فرأى [ نشرها, وتوزيعها, وأنها مناسبة جداً ], وكذلك اتصل بي
جمع من طلبة العلم, ومن غيرهم, مثنين على النصيحة, وأن طلبة العلم بحاجة لها
ولأمثالها في هذا الوقت, لبيان السنة, وكشف البدعة وأهلها.
وخاصةً أن المتكلَّم فيه (سيد قطب)([2]) قد تحولت أقواله ووصاياه للشباب إلى أفعال؛ سفكت
بسببها دماء, ونسفت منشآت, وأتلفت أموال, وأُخيفت السبل, وأخلَّ بالأمن.
وكنت مؤمِّلاً
من المرسل إليه أن يفرح بها, وينتصر لها, لما فيها من بيان للحق, وكشفٍ للباطل, والانتصار
لمنهج السلف الأخيار, والتحذير من أهل البدع الأشرار.
وإذا به
يرسل إليَّ أربع ورقات, ساءت كل منتسب لمنهج السلف, اشتملت على المتشابه من القول,
وخَلَتْ من المحكم, انتصر فيها لأهل الباطل, وذم فيها أهل الحق, بل وصل به الأمر إلى
التشكيك في منهج السلف الكرام.
ولما كان الأمر هكذا حرَّرْتُ
ملحقاً للنصيحة, لتفنيد تلك الشبهات والمتشابهات, إبراءً للذمة, ونصحاً للأمة,
ولزوماً للسنة, وكشفاً للبدعة.
وقبل البدء به, أورد فصولاً نافعة,
في وجوب محبة الصحابة رضي الله عنهم والسير على منهجهم, والصدور عن علمهم وآرائهم,
وبيان فضلهم على غيرهم, وأن من لا يغضب لهم, ولم ينتصر لهم, فليس محباً لهم, وكذلك
الأمر بلزوم سنتهم, والتأسّي بهم.
وكذلك أوردت بعض الفصول في علامات أهل البدع,
وتحذير السلف من مجالستهم, وجواز ذمهم بأعيانهم وأسمائهم, وأن ذلك ليس معدوداً من
الغيبة.
وكذلك عقدت فصلاً في حكم السلف على المرء بقرينه, وكذلك عقدت فصلاً
في جواز الانتماء لمذهب السلف, والانتساب إليه.
وكذلك عقدت فصلاً في عدم جواز ذكر محاسن أهل البدع, ونقلت عن أهل
العلم المعتبرين من السلف الماضين, ومن اقتدى بهم من اللاحقين, لبيان الحجة, ووضوح
المحجة, ليكون المسلم على بيّنة من أمره.
هذا, والله أسأل, أن يلهمنا رشدنا, وأن يرزقنا الهدى والسداد
والعمل بما يرضيه سبحانه وتعالى, وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد, وعلى آله
وأصحابه أجمعين .
كتبه /سعيد بن هليل العمر



قال تعالى: { وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ
رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ{100}} التوبة.
وقال تعالى:{ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ
مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ
مَا تَوَلَّى و َنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً{115}} سورة النساء.
قال المفسرون: هم الصحابة _رضي الله عنهم_.
وقال تعالى:{ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{15}} سورة لقمان.
وقال تعالى:{قُلِ الْحَمْدُ
لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا
يُشْرِكُونَ{59}} سورة النمل.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هم الصحابة _رضي الله عنهم_.
وقوله تعالى:{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ
تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ
وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً {18}}
سورة الفتح.
وقوله تعالى: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى
الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً
مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ
{29}} سورة الفتح .وهم الصحابة _رضي الله عنهم_.
وقوله تعالى:{ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ
حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا
قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا
أَهْوَاءهُمْ {16}}سورة محمد.
وقوله تعالى:{ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن
رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ {6}} سورة سبأ.
وأولوا العلم هم الصحابة _رضي الله عنهم_.
وقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ
الصَّادِقِينَ {119}}سورة التوبة.
وهم الصحابة.
فمن لم يحبهم,
ولم يذب عنهم, ويغضب لهم؛ بل أحب ودافع وناضل عمن سبهم وتنقصهم وشتمهم واتهمهم بأقبح
التهم, فليس معهم, وليس محباً لهم.
وهل تجتمع محبتهم في القلوب, ومحبة
من قال أنهم كذبة غشاشون, خونة, منافقون, يشرون الذمم, في الدرك الأسفل من الأخلاق
؟؟
وخلافة
ثالث الخلفاء فجوة [ أي فراغ ] مع وجود غالب الصحابة في هذه الفترة؟؟
قال
ابن القيم _ رحمه الله_ في إعلام الموقعين 4/132:
وكل صادق
بعدهم فبهم يأتمُّ في صدقه, بل حقيقة صدقه اتباعه لهم, وكونه معهم, ومعلوم أن من
خالفهم في شيء, وإن وافقهم في غيره, لم يكن معهم فيما خالفهم فيه, وحينئذ يصدق
عليه أنه ليس معهم, فتنتفي عنه المعيَّة المطلقة.

فقوله صلى الله عليه وسلم
: " خير الناس القرن الذي بعثت فيهم, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم " متفق
عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم :
" أصحابي أمنة لأمتي, فإذا ذهب
أصحابي, أتى أمتي ما يوعدون " رواه
مسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم
: " لا تسبوا أصحابي, فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهباً, ما بلغ مدّ أحدهم
ولا نصيفه " متفق عليه.
وما رواه أبو داود الطيالسي _رحمه
الله_, عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (إن الله نظر في قلوب العباد,
فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد, فبعثه برسالته, ثم نظر في قلوب
العباد بعد قلب محمدٍ, فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد, فاختارهم لصحبة نبيه,
ونصرة دينه ).
وما رواه الإمام أحمد, عن ابن
مسعود رضي الله عنه, قال: ( من كان متأسِّياً فليتأسَّ
بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً, وأعمقها
علماً, وأقلها تكلفاً, وأقومها هدياً, وأحسنها حالاً, قوم اختارهم الله لصحبة نبيه
وإقامة دينه, فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوا آثارهم, فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ).
قال
ابن القيم _ رحمه الله_ : [ ومن المحال أن يَحرِمَ الله أبرّ هذه الأمة قلوباً,
وأعمقها علماً, وأقلها تكلفاً, وأقومها هدياً, الصواب في أحكامه, ويوفق له من
بعدهم].
فهؤلاء
الذين يجب الدفاع عنهم, والذب عن أعراضهم, وحث الناس وطلبة العلم على التمسك
بغرزهم, والصدور عن فتاواهم, وعلمهم, بدلاً من حثهم على كتب البدعة والخرافة, أو كتب مكذبهم, ومفسقهم, ومتهمهم بأبشع التهم.
وليس لأولئك مثل إلا كمثل الخوارج,
الذين دخلوا على جندب بن عبد الله رضي الله عنه وقالوا له ندعوك لكتاب الله,
فقال:" أنتم؟ قالوا:نحن, قال: أنتم؟ قالوا: نحن. فقال: يا أخابيث خلق الله في اتِّباعنا, تختارون الضلالة, أم
في غير سنتنا تلتمسون الهدى, اخرجوا عنّي".
وقال صلى
الله عليه وسلم:" لا تزال طائفة من أمتي على الحق
ظاهرين, لا يضرهم من خذلهم, ولا من خالفهم " متفق عليه .
والخذلان من الموافق, كما هو حاصل الآن, من
الانتصار لأهل البدع, والذب عن أعراضهم, وتبرير أخطائهم, والترحم عليهم, والترضي
عنهم .
أما المخالفة, فتكون من أهل البدع المخالفين
لأهل السنة, الذابين عن أهل البدعة.
قال ابن القيم _رحمه الله_ في فضائلهم ( في إعلام الموقعين
4/149 ):[ فلا ريب أنهم كانوا أبرَّ قلوباً, وأعمق علماً, وأقل تكلفاً, وأقرب إلى
أن يوفقوا فيها لما لم نوفق له نحن؛ لما خصهم الله تعالى به من توقد الأذهان,
وفصاحة اللسان, وسعة العلم, وسهولة الأخذ, وحسن الإدراك وسرعته, وقلة المعارض, أو
عدمه, وحسن القصد, وتقوى الرب تعالى؛ فالعربية طبيعتهم وسليقتهم, والمعاني الصحيحة
مرْكوزة في فطرهم وعقولهم, ولا حاجة بهم إلى النظر في الإسناد وأحوال الرواة, وعلل
الحديث, والجرح والتعديل, ولا إلى النظر في قواعد الأصول, وأوضاع الأصوليين, بل قد
غنوا عن ذلك كله, فليس في حقهم إلا أمران:
أحدهما: قال تعالى كذا, وقال رسوله كذا .
والثاني: معناه كذا وكذا, وهم أسعد الناس بهاتين المقدمتين, وأحظى
الأمة بهما, فقواهم متوفرة مجتمعة عليها.
وأما المتأخرون فقواهم متفرقة, وهممهم متشعبة, فالعربية
وتوابعها قد أخذت من قوى أذهانهم شعبة, والأصول وقواعدها قد أخذت منها شعبة, وعلم
الإسناد وأحوال الرواة قد أخذ منها شعبة, وفكرهم وكلام مصنفيهم وشيوخهم على اختلافهم وما أرادوا به قد أخذ منها شعبة, إلى غير ذلك
من الأمور, فإذا وصلوا إلى النصوص النبوية _إن كان لهم همم تسافر إليها_, وصلوا
إليها بقلوب وأذهان قد كلّتْ من السير في غيرها.
وأوهن قواهم مواصلة السُرى في سواها, فأدركوا من النصوص
ومعانيها بحسب تلك القوة, وهذا أمر يحس به الناظر في مسألة, إذا استعمل قوى ذهنه
في غيرها, ثم صار إليها, وافاها بذهن كالٍّ, وقوة ضعيفة.
وهذا شأن من استفرغ قواه في الأعمال غير المشروعة,
تضعف قوته عند العمل المشروع, كمن استفرغ قوته في السماع الشيطاني, فإذا جاء قيام
الليل, قام إلى ورده بقوة كالّة, وعزيمة باردة, وكذلك من صرف قوى حبه وإرادته إلى
الصور, أو المال, أو الجاه, فإذا طالب قلبه بمحبة الله, فإنْ انََجَذَبَ معه,
انجذب بقوة ضعيفة, قد استفرغها في محبة غيره, فمن استفرغ قوى فكره في كلام الناس, فإذا
جاء إلى كلام الله ورسوله, جاء بفكرة كالّة فأُعْطِي بحسب ذلك.
والمقصود أن الصحابة أغناهم الله
تعالى عن ذلك كله, فاجتمعت قواهم تينك المقدمتين فقط, هذا إلى ما خصوا به من قوى
الأذهان وصفائها, وصحتها وقوة إدراكها, وكماله وكثرة المعاون, وقلة الصارف, وقرب
العهد بنور النبوة, والَّتَلَقِّي من تلك المشكاة النبوية, فإذا كان هذا حالنا
وحالهم فيما تميزوا به علينا, وما شاركناهم فيه, فكيف نكون نحن أو شيوخنا أو
شيوخهم أو من قلدناه أسعد بالصواب منهم في مسألة من المسائل ؟ ومن حدَّث نفسه بهذا
فليعزلها من الدين والعلم, والله المستعان].
وقد أمر النبي صلى الله عليه
وسلم بالتأسي بهم, والأخذ بسنتهم, عندما قال: "عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي, تمسكوا بها, وعضوا عليها بالنواجذ,
وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة" رواه أهل السنن
.
وقال صلى الله عليه وسلم:
"اقتدوا بالذين من بعدي, أبي بكر وعمر, ولتهتدوا بهدي عمار, وتمسكوا بعهد ابن
أم عبد " رواه الترمذي, وقــال هــذا حديث حسن.
وما
ثبت في صحيح مسلم, من حديث أبي قتادة رضي
الله عنه قال: قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " إن يطع القوم أبا بكر وعمر يرشدوا
"
وقال ابن مسعود رضي الله عنه:
(اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم) رواه الدارمي.
وقال أيضاً:
( أنا لغير الدجال أخوف عليكم من الدجال, أمور تكون من كبرائكم, فأيُّما مُريّةٍ,
أو رُجيل([4]), أدرك ذلك الزمان, فالسمت الأول, فالسمت الأول فأنا اليوم على
السنة).
وقال: (وإياكم
والمحدثات, فإن شر الأمور محدثاتها, وكل بدعة ضلالة ).
وقال أيضاً: (اتبع
ولا تبتدع, فإنك لن تضِل ما أخذت بالأثر ).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (عليكم
بالاستقامة والأثر, وإياكم والتبدع).
فهذه
وصايا الصحابة لأتباعهم, والسائرين على منهجهم, لا وصايا الخلف بكتب سيد وأشباهها,
من كتب أهل البدع .



عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من أحدث في أمرنا هذا, ما ليس منه, فهو رد " متفق عليه .
وفي رواية لمسلم, قال عليه الصلاة والسلام : " من عمل عملاً
ليس عليه أمرنا فهو رد".
وفي الصحيحين أيضاً, قال عليه الصلاة والسلام : " فمن رغب عن
سنتي, فليس مني".
وقوله عليه الصلاة والسلام
وهو يخطب يوم الجمعة : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي
محمد, وشر الأمور محدثاتها, وكل بدعة ضلالة " رواه مسلم.
وقوله عليه الصلاة والسلام : " ومن دعا إلى ضلالة, كان عليه
من الإثم مثل آثام من تبعه, لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً " رواه مسلم .
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"
إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة, حتى يدع بدعته " رواه الطبراني, وانظر السلسة الصحيحة(1620).
وقوله عليه الصلاة والسلام : " إني قد تركت فيكم شيئين, لن
تضلوا بعدهما: كتاب الله, وسنتي " رواه
الحاكم, وأصله في مسلم .
وقوله عليه الصلاة والسلام
: " تركتكم على مثل البيضاء, ليلها كنهارها, لا يزيغ عنها إلا هالك " رواه ابن أبي عاصم.
وقوله عليه الصلاة والسلام : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه
تبعاً لما جئت به". أخرجه البيهقي
في المدخل, وصححه الحافظ في الفتح 13/289.


قال بشر بن الحارث_ رحمه الله_ : ( كان
زائدة يجلس في المسجد, يحذر الناس من ابن حيي وأصحابه, قال: وكانوا يرون السيف ). [ التهذيب : 2/249].
وقال أبو صالح الفراء_ رحمه الله_ : ذكرت
ليوسف بن أسباط, عن وكيع شيئاً من أمر الفتن, فقال: ( ذاك يشبه أستاذه ) _ يعني
الحسن بن حيي _ فقال: قلت ليوسف: ما تخاف
أن تكون هذه غيبة؟ فقال: ( لم يا أحمق, أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم, أنا
أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم, ومن أطراهم كان أضر عليهم ). [ المصدر السابق ].
وقال عبد الله بن أحمد_ رحمه الله_ : سمعت
أبي يقول: ( من قال لفظي بالقرآن مخلوق, هذا كلام سوء رديء, وهو كلام الجهمية ),
قلت له: إن الكرابيسي حسيناً يقول هذا, فقال: ( كذب هتكه الله, الخبيث ), وقال: (قد
خلف هذا بشراً المريسي ). [ السنة لعبد
الله : 1/165 -166 ].
وقال عبد الله بن الإمام أحمد_ رحمه الله_: سألت
أبا ثور إبراهيم بن خالد الكلبي عن الحسين الكرابيسي, فتكلم فيه بكلام سوء رديء.[ تاريخ بغداد : 8/66]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية_ رحمه الله_ : (
فإذا كان الرجل مخالطاً في السر لأهل الشر يحذر منه). [مجموع الفتاوى لابن تيمية : 35/414].
وقال أيوب السختياني_ رحمه الله_ : قال
لي أبو قلابة : ( لا تُمكِّن أصحاب الأهواء من سمعك, فينبذوا فيه ما شاؤوا). [ الّلالكائي 1/134 الإبانة 2/445].
وقال عثمان
بن زائدة _ رحمه الله_: أوصاني سفيان قال: ( لا
تخالط صاحب بدعة). [ الإبانة: 2/463].
وقال الفضيل _ رحمه الله_: (
أدركت خيار الناس, كلهم أصحاب سنة, وينهون عن أصحاب البدع). [ الّلالكائي :1/138 ].
وقال يحيى بن أبي كثير _ رحمه الله_: (
إذا لقيت صاحب بدعة في طريق, فخذ في طريق آخر ) وكذا قال الفضيل بن عياض.
[الاعتصام
للشاطبي :1/172,الإبانة:2/475 وابن وضاح:55, الشريعة للآجري:67, الّلالكائي:1/137].
وقال الفضيل بن عياض_ رحمه الله_: (
صاحب البدعة لا تأمنه على دينك, ولا تشاوره في أمرك, ولا تجلس إليه, فمن جلس إلى
صاحب بدعة, ورّثه الله العمى). [الّلالكائي:
1/138].
وقال يوسف بن أسباط _ رحمه الله_: (
كان أبي قدرياً, وأخوالي روافض, فأنقذني الله بسفيان). [ الّلالكائي:1/60].
وقال الإمام أحمد – رحمه الله_: (
قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة, وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة؛ فُسّاق أهل
السنة أولياء الله, وزهاد أهل البدعة أعداء الله). [ طبقات الحنابلة : 1/184].
وقال ابن الجوزي: قال أبو الوفاء علي بن عقيل الفقيه_ رحمهم
الله_: ( قال شيخنا أبو الفضل الهمداني: مبتدعة الإسلام والوضّاعون للأحاديث أشد من
الملحدين, لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من الخارج, وهؤلاء قصدوا إفساده من
الداخل, فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله, والملحدون كالمحاصرين من الخارج, فالدخلاء يفتحون الحصن, فهم شر على الإسلام من
غير الملابسين له). [ الموضوعات (1/51)].
وقال الحافظ عبد الغني المقدسي_ رحمه الله_ : اعلم
رحمك الله, أن الإسلام وأهله, أتوا من طوائف ثلاث:
الطائفة الأولى:
ردوا أحاديث الصفات, وكذبوا رواتها, فهؤلاء أشد ضرراً على الإسلام وأهله من الكفار.
والطائفةالثانية: قالوا:
بصحتها وقبولها ثم تأولوها, فهؤلاء أعظم من الطائفة الأولى.
والثالثة: جانبوا
القولين الأولين, وكانوا أعظم ضرراً من الطائفتين الأوليين.
قال أيوب السختياني _رحمه الله_ : (
لا أعلم اليوم أحداً من أهل الأهواء يخاصم إلا بالمتشابه ). [ الإبانة 2/501].
وقال البربهاري_ رحمه الله_ : (
إذا رأيت الرجل يطعن على أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه صاحب
قول سوء وهوى ). [ البربهاري 115].
وقال أيضاً: (إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار,
أو يرد على الآثار, أو يريد غير الآثار, فاتهمه على الإسلام, ولا تشك أنه صاحب هوى
مبتدع ). [ المصدر السابق: 115].
وقال أيضاَ في نفس المصدر _ص 116_ : ( إذا
رأيت الرجل يدعو على السلطان, فاعلم أنه صاحب هوى ) .
قلت : فكيف
بمن يأمر باغتياله ؟؟
وقال أبو حاتم_ رحمه الله_ : (
علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ).
[شرح أصول
اعتقاد أهل السنة والجماعة ,لللالكائي: 1/179].
وقال ابن القطان_ رحمه الله_ : ( ليس في الدنيا مبتدع, إلا وهو
يبغض أهل الحديث). [(عقيدة السلف ) للصابوني
102].
وقال أبو إسماعيل الصابوني_ رحمه الله_: (
وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة, وأظهر آياتهم وعلاماتهم, شدة معاداتهم لحملة
أخبار النبي _صلى الله عليه وسلم_ واحتقارهم لهم, واستخفافهم بهم ). [ المصدر السابق
:101].
وقال قتيبة بن سعيد_ رحمه الله_ : (
إذا رأيت الرجل, يحب أهل الحديث, فإنه على السنة, ومن خالف هذا, فاعلم أنه مبتدع ).
[مقدمة كتاب
شعار أصحاب الحديث للحاكم 7].
وقال الإمام أحمد _ رحمه الله_ في رسالته
إلى مسدد: ( ولا تشاور صاحب بدعة في دينك, ولا ترافقه في
سفرك ). [ الآداب الشرعية لابن مفلح : 3/578 ].
قال ابن الجوزي_ رحمه الله_ : ( الله الله من مصاحبة هؤلاء, ويجب
منع الصبيان من مخالطتهم, لئلا يثبت في قلوبهم من ذلك شيء, واشغلوهم بأحاديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم لتعجن بها طبائعهم ). [الآداب الشرعية : 3/577_578].


قال أبو هريرة_ رضي الله عنه _: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرء على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل"
. [السلسلة الصحيحة لشيخنا الألباني : رقم 927].
قال أبو قلابة _ رحمه الله_ : قاتل
الله الشاعر حين يقول :
عن المرء
لا تسأل وسل عن قرينه فــكل
قـرين بالمقـارن يقتـدي
قلت: وكأن
أبا قلابة معجب بهذا البيت, وهو لعدي بن زيد العبادي.
قال الأصمعي: لم أر بيتاً قط أشبه
بالسنة من قول عدي _ هذا _ .
[ الإبانة : 2/439].
ولما قدم موسى بن عقبة الصوري بغداد, فذكر لأحمد بن حنبل, فقال : (انظروا
على من نزل, وإلى من يأوي ). [الإبانة:2/479_480].
وقال قتادة _ رحمه الله_ : ( إنا
والله ما رأينا الرجل يصاحب من الناس إلا مثله وشكله, فصاحبوا الصالحين من عباد
الله, لعلكم أن تكونوا معهم أو مثلهم ) . [ الإبانة 2/477].
وقال الأوزاعي _ رحمه الله_ : ( من
ستر عنا بدعته, لم تخف علينا ألفته ).
[ الإبانة : 2/476 ].
وكان
محمد بن عبيد الله الغلابي _ رحمه الله_ يقول: ( يتكاتم أهل الأهواء كل شيء, إلا
التآلف والصحبة ) . [ الإبانة 1/205].
وقال معاذ بن معاذ ليحيى بن سعيد _
رحمهما الله_ : ( يا أبا سعيد! الرجل وإن كتم رأيه, لم يَخْفَ ذاك في ابنه, ولا
صديقه, ولا في جليسه ). [الإبانة:2/437].
وقال عمرو بن قيس الإملائي _ رحمه
الله_ : ( إن الشاب لينشأ, فإن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يسلم, وإن مال إلى
غيرهم كاد أن يعطب ). [المصدر السابق].
وقال ابن عون _ رحمه الله_: ( من
يجالس أهل البدع, أشد علينا من أهل البدع) [ الإبانة :2/273].
وقال يحيى بن سعيد القطان _ رحمه
الله_ : لما قدم سفيان الثوري البصرة, جعل ينظر إلى أمر الربيع بن صبيح وقدره عند
الناس, ( سأل أي شيء مذهبه؟ ) قالوا: ما مذهبه إلا السنة, قال : من بطانته ؟ قالوا
: أهل القدر, قال : ( هو قدري). [ الإبانة
:2/453].
ويقول ابن تيمية _ رحمة الله _ : (
ومن كان مُحسناً للظن بهم, وادّعى أنه لم يعرف حالهم, عُرِّف حالهم, فإن لم
يباينهم, ويظهر لهم الإنكار, وإلا أ ُُلحِقَ بهم, وجُعل منهم ). [مجموع الفتاوى :2/133].
وقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ :"
الأرواح جنود مجندة, فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف". متفق عليه.
وقال أحمد بن حنبل _ رحمه الله_: ( إذا
رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه, وإذا رأيته مع أصحاب البدع
فايأس منه ؛ فإن الشاب على أول نشوئه). [ الآداب
الشرعية لابن مفلح:3/77].
وعن الأعمش عن إبراهيم قال _ رحمه
الله_ : ( ليس لصاحب البدعة غيبة ). [الّلالكائي:1/140].
وقال الحسن البصري _ رحمه الله_: ( ليس
لصاحب بدعة ولا لفاسق يعلن بفسقه غيبة ). [ المصدر السابق : رقم 279,280].
وعن أبي زيد الأنصاري النحوي _
رحمه الله_ قال : أتينا شعبة يوم مطر فقال: ( ليس هذا يوم حديث, اليوم يوم غيبة,
تعالوا نغتاب الكذابين ).
[ الكفاية للبغدادي :
91 ].
وقال محمد بن بندار السباك
الجرجاني _ رحمه الله_: قلت لأحمد بن حنبل: (إنه ليشتد
عليّ أن أقول : فلان ضعيف, فلان كذاب, قال أحمد : إذا سكتَّ أنت, وسكتُّ أنا؛ فمن
يُعرِّف الجاهل الصحيح من السقيم ). [
مجموعة الفتاوى, لابن تيمية : 28/231].
وعن شوذب بن كثير أبي سهل _ رحمه
الله_ قال: (يقال: أهل الأهواء, لاحرمة لهم). [ الّلالكائي :1/140].


قال
في رسالته التي أرسلها إليّ : إني لا أدافع عن أخطاء سيد قطب, فعنده أخطاء في
العقيدة, وتنقص لأهل العلم, مع أنه رجع عن بعض هذه الأخطاء000
فالجواب: أن
هذا اللفظ, يوهم أنها أخطاء يسيرة, لعدم براءتك منها, وتهوينك من شأنها, وهي أخطاء
في أصول الدين وفروعه .
أما قولك: (وعنده
تنقص لأهل العلم ) فهذه حيدة ظاهرة وإخفاء لمثالبه .
وهل
ترضى بتنقصه لنبي الله موسى _عليه السلام _, عندما قال عنه أنه شاب عصبي المزاج؟؟
وكذلك تنقصه للخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان _رضي الله عنه_ الذي قال أن
خلافته فجوة, وقوله في معاوية بن أبي سفيان _ رضي الله عنهما_ كاتب الوحي وعمرو بن
العاص _رضي الله عنه_ عندما قال عنهما: أنهما يستعملان الكذب, والغش, والنفاق,
والخديعة, والرشوة, وشراء الذمم, والدرك الأسفل من الأخلاق .
فكيف تُهوِّن من تنقصه للأنبياء والخلفاء والصحب الكرام بهذه
الكلمة [ وعنده تنقص لأهل العلم ]
؟؟.
فالمطلع على رسالتك يظن أن سيد قطب لا يسب الأنبياء, ولا الخلفاء, ولا
الصحابة, ولا ينكر صفات الله, وأنه كواحدٍ من أولئك العلماء الجهابذة الذين يصيبون,
ويخطئون, بل فحوى رسالتك يدل على هذا, والمأمول منك في الإنكار على أهل البدع أعظم
من هذا .
أما
القول بأنه رجع عن هذه الأخطاء : ... فهذا قول ينقصه الدليل, ويكذبه الشاهد, فكتبه
موجودة, بعجرها وبجرها, وباطلها وضلالها, فارجع إلى تفسير سورة الإخلاص, في أي
طبعة من الطبعات, وارجع إلى تفسير الاستواء, في أي طبعة من الطبعات شئت, وارجع إلى
تعطيله للصفات في أي موضع شئت, وقد نقلت لك كلامه بالجزء والصفحة, فاحذر من تقليد
دينك الرجال, وتثبت عند نقل الأخبار .
أما قولك: أن
هناك طبعات معدلة 000
فهذه
دعاوى, والدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات, فأصحابها أدعياء, فارجع إلى ماعندك من
كتب سيد, إن كان عندك منها شيء, فستجد تلك الطوام, وانظر إلى ما في المكتبات
والأسواق [ ولو أنها سحبت هذه الأيام, وفق الله من أمر بسحبها ] وانظر إلى ما في
أيدي طلبة العلم منها, فإنها لم تعدَّل ولم تبدَّل .
وقد نقلت لك نقولاً بالجزء
والصفحة, من كتب سيد, مع وجود هذه الضلالات فيها, وقد طبع الرافضة الأجزاء التي
فيها سب معاوية وعمرو بن العاص _ رضي الله عنهما_ واتهامهما بالنفاق, والكذب,
والرشوة, وشراء الذمم, والخديعة, والدرك الأسفل من الأخلاق, لأن فيها موافقة
لمذهبهم الخبيث, المبني على سب الصحابة وتكفيرهم ولعنهم, فوجدوا بغيتهم عند من
ينتسب لأهل السنة, فطبعوه, واستشهدوا به على صحة مذهبهم.
لذلك بعض أهل العلم, اتهم سيد
قطب بالرفض, لمّا رأى طعونه العظيمة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما ما ذكرت عن بكر أبو
زيد _ حفظه الله _ : فهذه الورقة طار بها الحزبيون كل
مطار, وزادوا فيها, ونقصوا مع أنه لم يأذن بنشرها, ولم يشر لها من بعيد ولا قريب
في كتبه ولا رسائله النافعة.
ثانياً:
الشيخ بكر _ حفظه الله_ حي يرزق فهلا ذهبوا إليه, وأخذوا تأييده لها, أو لكتب سيد.
ثالثاً:
ولو ثبتت هذه الورقة أنها للشيخ بكر أبو زيد _حفظه الله_, فهي بمثابة فتوى الشيخ
ابن باز _ رحمه الله_ في جماعة التبليغ الأولى, ثم عدهم من الثنتين والسبعين فرقه
الهالكة في النار, قبل وفاته _رحمه الله_ .
رابعاً:
كلام العالم يؤخذ محكمه, وما أثبته في كتبه, ولا يتعلق بالمحتمل, لأن العمل
بالمحكم, مقدم على العمل بالمحتمل, وإليك كلام الشيخ بكر أبو زيد _ حفظه الله_
المحكم الموثق في كتبه .
قال في كتابه ( تصنيف الناس ) : قال أبو زرعة _ رحمه الله_ : ( إذا
رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_, فاعلم أنه زنديق
).
وقال
أيضا:ً معلقاً على كلام شيخ الإسلام _ رحمه الله_ الآتي : ( فرحم الله شيخ الإسلام
ابن تيمية, وسقاه من سلسبيل الجنة (آمين), فإن هذا الكلام في غاية من الدقة
والأهمية, وهو وإن كان في خصوص مظاهرة (الاتحادية ), لكنه ينتظم جميع المبتدعة, فكل
من ظاهر مبتدعاً, فعظمه, أو عظم كتبه, و نشرها بين المسلمين, ونفخ به وبها, وأشاع
ما فيها من بدع وضلال, ولم يكشف ما فيها من زيغ واختلال في الاعتقاد, أن من فعل
ذلك, فهو مفرط في أمره, واجب قطع شره ؛ لئلا يتعدى إلى المسلمين. وقد ابتلينا بهذا
الزمان, بأقوام على هذا المنوال, يعظمون المبتدعة, وينشرون مقالاتهم, ولا يحذرون
من سقطاتهم, وما هم عليه من الضلال ؛ فاحذر أبا الجهل المبتدع هذا؛ نعوذ بالله من
الشقاق وأهله).
(هجر المبتدع ص 48).
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله_ : ( ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم, أو ذب
عنهم, أو أثنى عليهم, أو عظم كتبهم, أو عُرف بمساعدتهم ومعاونتهم, أو كره الكلام
فيهم, أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يُدرى ما هو, أو قال: أنه صّنف هذا
الكتاب, وأمثال هذه المعاذير, التي لا يقولها إلا جاهل, أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل
من عرف حالهم, ولم يعاون على القيام عليهم, فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات,
لأنهم أفسدوا العقول والأديان, على خلق من المشايخ والعلماء, والملوك والأمراء,
وهم يسعون في الأرض فساداً, ويصدون عن سبيل الله ). (مجموع الفتاوى: 2/132).
خامساً: إن أردت
الحجة, وهي الأصل بين المسلمين, فقد ذكرت لك الحجة ببيان مخالفة سيد قطب للكتاب
والسنة, وما عليه سلف الأمة في المعتقد والمنهج, ونقلت لك من كتبه ما وقع فيه من
بدع, وضلالات, وجهالات, يأبى السلفي أن يجند نفسه كما فعلت, بالدفاع عن واحدة منها,
فضلاً عنها مجتمعة.
وإن أردت التقليد, وعدم اتباع الحجة والدليل, ورضيت لنفسك التقليد,
الذي لا يعتبر من سمات طالب العلم, فقد ذكر العلماء أن الأولى بالتقليد؛ الأعلم, ولا
شك أن المشايخ: الإمام عبد العزيز بن باز, والإمام الألباني, والإمام ابن
عثيمين _رحمهم الله_ أولى أن تقلدهم في
سيد قطب, وقد حذروا منه جميعاً, ونقلت لك كلامهم في النصيحة.
قولك: [ كثرة
الكلام عن أخطاء سيد قطب, من غالب الإخوان الذين ينهجون التحذير عن مؤلفاته, فلا
نكاد نجتمع معهم في مجلس, إلا ونسمع ترديد هذه التحذيرات ... الخ].
أقول: بالنظر
إلى الكلام في سيد, وأمثاله من أهل الانحراف, هو دين وعقيدة وجادة متبعة, لكن! أن
يكون شغل الإنسان الشاغل, الذي يترك بسببه تعليم الناس العقيدة والفقه...الخ, لا
شك أنه مرفوض, وتعلم أننا ولله الحمد ندرّس الصحيحين, وتفسير ابن كثير, وسنن أبي
داود, والترمذي, وموطأ مالك, واقتضاء الصراط المستقيم, وشرح السنة للبربهاري, وتيسير
العزيز الحميد, وبلوغ المرام, والفرائض, وغيرها من كتب السلف, وكذلك الإخوان الذين
ذكرتهم, قائمون ولله الحمد, بالدعوة إلى الله عز وجل, وتعليم الناس العلم النافع,
ودعوتهم للعمل الصالح, وسيد في زمن مضى تكلم فيه العلماء, وألّفوا فيه وفي أخطائه,
ولكن لما أصبحت فتنته ظاهرة, ووقع خطر ما كان يدعو إليه, من قتل وتفجير, دعت ضرورة
الحال إلى إعادة الكلام فيه, لدرء فتنته, خصوصاً أنه لا يزال معظَّماً عند البعض.
ثم ما الذي يضيرك من كلام الإخوة في سيد وأمثاله, لما رأوا الحاجة
ماسة للكلام في هذا الفكر التكفيري, وبيان خطره, ومؤسسيه, والكتب المؤلفة فيه.
وسُئل أحد السلف عن السُنِّي, قال: [ الذي إذا ذُكرت عنده هذه
الأهواء, لم يغضب لشيء منها].
وأنت ترى رجالنا يقتلون, وممتلكاتنا تفجر وتدمر, بسبب هذا الفكر
المنحرف, الذي أسس أصوله سيد, كما بينت لك في النصيحة عندما قال: لا بد من إزالة
رؤوس في مقدمتها رئيس الجمهورية, ورئيس الوزراء, ومدير مكتب المشير, ومدير مكتب
المخابرات, ومدير البوليس الحربي.
ثم نسف لبعض المنشآت, التي تشل حركة
مواصلات القاهرة ... كمحطة الكهرباء والكباري. [ انظر كتابه لماذا أعدموني ص 55].
وقال عن أعضاء التنظيم : أنهم أخذوا
في محاولات, لصنع المتفجرات محلياً, وأن التجارب نجحت, وصنعت بعض القنابل فعلاً, ولكنها
بحاجة إلى التحسين, والتجارب مستمرة ...[ انظر
المرجع نفسه ص50 ].
فضلاً عن الخلل العقدي, والفقهي,
والمنهجي, والسب والشتم للأنبياء والصحابة.
فكيف تلومهم وهم يرون مثل هذا
الكلام في كتب سيد ؟؟ ثم ترجمت أقواله إلى أفعال, تسمعها وتراها.
قولك: [ هل نما
إلى علمهم أننا نشجع طلاب العلم على اقتناء كتب سيد قطب؟؟ ].
فالجواب: أن
معارضة منتقدي منهج سيد قطب, دعوة ضمنية إلى كتبه, لأنك إذا دافعت عنه, ومنعت
انتقاد عقيدته ومنهجه, فهذا تشجيع لاقتناء كتبه, لأن السلف _ رحمهم الله_ يذمون
أهل البدع, ويمقتونهم, ويثنون على منتقديهم, بل يتواصون بهجرهم, وهجر كتبهم, والتحذير
منهم, وأنت خالفتهم في هذا.
أما
قولك: [ أنك زرتني في منزلي, لما كذبوا عليك, وقالوا:
أنك تدرس كتب سيد قطب ].
فهذا الذي دعاني لكتابة النصيحة, لأني عهدتك
معظماً للسلف, ولكتبهم, ماقتاً لأهل البدع, وكتبهم, ومن ضمنهم سيد, الذي ذكرت أنك
لا تدرس كتبه, ولا تحيل عليها في دروسك, ولا تقوم بتدريسها.
قولك: [
مع العلم أنني لو نقلت من كلامه الطيب, وهو كثير في كتبه, لكان ذلك حسناً] .
فالجواب: ما
هو الطيب في نظرك من كلام سيد, هل هو سب الأنبياء, أو الخلفاء, أو سب الصحابة, أو
تكفير المسلمين, أو تسمية المساجد معابد الجاهلية, أو قوله عن أبي سفيان _ رضي
الله عنه_: هو ذلك الرجل الذي لقي الإسلام منه والمسلمون, ما حفلت به صفحات التاريخ,
والذي لم يُسلِم إلا وقد تقررت غلبة الإسلام فهو إسلام الشِّفة واللسان, لا إيمان
القلب والوجدان, وما نفذ الإسلام في قلب ذلك الرجل.
( مجلة المسلمون – العدد الثالث سنة 1371هـ ).
فهل تكفيره لأبي سفيان _ رضي
الله عنه_ من كلامه الطيب ؟!!!
وإليك شيئاً من كلامه الذي
وصفته بالطيب:
قال عند
تفسيره لسورة الإخلاص في معنى (قل هو الله أحد): ( إنه أحدية الوجود, فليس هناك
حقيقة إلا حقيقته, وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده, وكل موجود آخر, فإنما يستمد
وجوده من ذلك الوجود الحقيقي, ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية, وهي من ثَمّ
أحدية الفاعلية, فليس سواه فاعلاً لشيء, أو فاعلاً في شيء في هذا الوجود أصلاً ).
[
قال
الشيخ محمد بن عثيمين _ رحمه الله_ : رداً على سؤال عن تفسير
الظلال في مجلة الدعوة (عدد 1591 في 9/1/1418 هـ ) فكان في جوابه : قرأت تفسيره
لسورة الإخلاص, وقد قال قولاً عظيماً فيها, مخالفاً لما عليه أهل السنة والجماعة, حيث
أن تفسيره لها, يدل على أنه يقول بوحدة الوجود, وكذلك
تفسيره للاستواء بأنه الهيمنة والسيطرة ].
وقال في الظلال
(6/3936) : ( إن الله جل جلاله, العظيم الجبار, القهار المتكبر, مالك الملك كله,
قد تكرم في عليائه, فالتفت إلى هذه الخليقة, المسماة بالإنسان).
فأثبت صفةً لم يدل عليها كتاب
ولا سنة, وهي الالتفات.
وقال في الظلال ( 6/4008 ) : ( وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر
العقيدة, والمرجع هو القرآن ).
ولا يخفى عليك أن رد أخبار الآحاد, من أقوال أهل البدع.
وقال في الظلال (4/2122 ): ( أنه ليس على وجه الأرض اليوم, دولة
مسلمة, ولا مجتمع مسلم, قاعدة التعامل فيه شريعة الله, والفقه الإسلامي ).
ومعنى كلامه أن بلاد الحرمين, التي تحكم شرع الله, ليست دولة
مسلمة!!.
وقال في الظلال (2/1057): ( لقد
استدار الزمان, كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله, فقد
ارتدّت البشرية إلى عبادة العباد, وإلى جور الأديان, ونكصت عن لا إله إلا الله, و
إن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إله إلا الله ...).
وقال أيضاً في الظلال ( 4/2009): ( إن
هذا المجتمع الجاهلي, الذي نعيش فيه, ليس هو المجتمع المسلم ).
وقال في كتابه المعركة (ص 61): (ولا
بد للإسلام أن يحكم, لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية, التي تصوغ من
المسيحية والشيوعية معاً مزيجاً كاملاً, يتضمن أهدافهما جميعاً, ويزيد عليهما
التوازن, والتناسق, والاعتدال ).
ويرى سيد قطب الاشتراكية الشيوعية, عندما قال في كتابه : [ معركة
الإسلام والرأسمالية ص 44] : ( بل في يد الدولة أن تنزع الملكيات والثروات جميعاً,
وتعيد توزيعها على أساس جديد, ولو كانت هذه الملكيات قد قامت على الأسس التي يعترف
بها الإسلام, ونمت بالوسائل التي يبررها, لأن دفع الضرر عن المجتمع كله, أو انتفاء
الأضرار المتوقعة لهذا المجتمع, أولى بالعناية من حقوق الأفراد).
قلـت:
وهذه الاشتراكية بعينها.
وقال في الظلال (3/1451 ) : ( وإقامة حكومة مؤسسة على قواعد
الإسلام في مكانها, واستبدالها بها .. وهذه المهمة .. مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام
غير منحصر في قطر دون قطر؛ بل مما يريده الإسلام وضعه نصب عينيه, أن هذا الانقلاب
الشامل في جميع المعمورة, هذه غايته العليا ومقصده الأسمى, الذي يطمح إليه ببصره,
إلا أنه لا مندوحة للمسلمين, أو أعضاء الحزب الإسلامي, عن الشروع في مهمتهم بإحداث
الانقلاب المنشود, والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنوها ).
واعتدى على مفردات القرآن, ففسرها بتفسيرٍ ساقطٍ, يشبه الاستهزاء
والسخرية, وقد وصف الآيات في كثير من السور بهذه العبارات : ( اللهو, والسحر,
والشعوذة, والتمثيل, والمسرح, والسينما, والتصوير, والرسم, والألوان, والموسيقى,
والهيمنة, والتعويذة, والوتر, والإيقاع, والجرس, والمقطوعة, والأصداء, والنغم,
والألحان, والتشخيص للمشاهد, والمسرحية, والسينمائية, والبطل, والنظارة, والريشة,
والظل, ووحدة الرسم, واللوحة الطبيعية, وتناسق الإخراج, وتناسق التصوير, والتناسق
الفني ... إلخ.
فهل ترضى أخي الفاضل, أن ينشأ جيل
يفهم القرآن كلام الله المنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم على وفق هذه
المفاهيم الباطلة, التي يتحاشاها الفنانون والمطربون ؟؟.
وقال سيد قطب في [ الظلال 2/1006]: ( كان العرب يعرفون من لغتهم
معنى: إله, ومعنى: لا إله إلا الله, كانوا يعلمون أن لا إله إلا الله ثورة على
السلطان الأرضي, الذي يغتصب أولى خصائص الألوهية !!! ).
وهذا غيض من فيض من كلامه الذي وصفته بالطيب, وما هو والله بطيب,
بل خبيث سقيم تـنزه عنه العقول والأسماع.
وهذا الفكر الذي وصفته بالطيب, وتأثر به شبابنا, تبرأ منه قادة (
الإخوان المسلمون ).
فهذا يوسف القرضاوي, وهو من كبارهم, يقول في كتابه: [ أولويات
الحركة الإسلامية ص110] حيث قال : ( في هذه المرحلة التي ظهرت كتب سيد قطب, التي
تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره, الذي تنضح بتكفير المجتمع... وإعلان الجهاد
الهجومي على الناس كافة ).
وقال فريد عبدالخالق أحد قادة الإخوان في كتابه: [ الإخوان
المسلمون في ميزان الحق/ ص: 115]: ( إنَ نشأة فكرة التكفير, بدأت بين بعض شباب
الإخوان في سجن القناطر, في أواخر الخمسينات وبداية الستينات, وأنهم تأثروا بفكر
سيد قطب, وكتاباته, وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية, وأنه قد كفَّر حكامه الذين
تنكروا لحاكمية الله, بعدم الحكم بما أنزل الله, ومحكوميهم إذا رضوا بذلك).
وقال علي عشماوي في كتابه: [ التاريخ السري للإخوان المسلمين ص 80]: (وجاءني أحد الإخوان, وقال لي: إنه سوف
يرفض أكل ذبيحة المسلمين الموجودة حالياً, فذهبت إلى سيد قطب وسألته عن ذلك فقال:
دعهم يأكلونها, فيعتبرونها ذبيحة أهل الكتاب, فعلى الأقل المسلمون الآن هم أهل
الكتاب !!! ).
وقال علي عشماوي في نفس الكتاب_ ص112_ وهو يصف زيارته لسيد قطب
ومقابلته له: ( وجاء وقت صلاة الجمعة, فقلت لسيد قطب: دعنا نقم ونصلي, وكانت
المفاجأة أن علمت _ ولأول مرة_ أنه لا يصلي الجمعة !!! وقال أنه يرى أن صلاة
الجمعة تسقط, إذا سقطت الخلافة, وأنه لا جمعة إلا بخلافة ).
فالقوم تبرأ بعضهم من بعض, ثم تأتي وتقول: لا بأس بنقل كلامه الطيب,
والحسن, وما شابه ذلك من الكلمات الفضفاضة, ولا تنس قول الله عز وجل:
{ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ
أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ} سورة النحل:الآية 25.
فلا يكن قادة الإخوان المسلمين
أغيرَ منك على العقيدة والدين .
أما قولك : (
فطالب العلم يستفيد من الحق عند كائن من كان حتى ولو كانوا كفاراً ).
وقولك: أن
النبي صلى الله عليه وسلم جاءه حَبْرٌ من أحبار اليهود فقال: [ يا محمد إنا نجد أن
الله يجعل السموات على إصبع, والأرضيين على إصبع ... فضحك النبي صلى الله عليه
وسلم حتى بدت نواجذه ... الحديث].
فالجواب عليه من وجوه:
الأول: قولك: ( فطالب العلم يستفيد
من الحق عند كائن من كان ) يوهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم استفاد هذه العقيدة
من اليهودي .
الثاني: هل
هذه الصفات ثبتت بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم, أو ثبتت بمجرد كلام اليهودي ؟؟
الثالث: هل
قال اليهودي حقاً وباطلاً ؟ أم قال حقاً شهد له القرآن والسنة ؟؟
الرابع: أن
اليهودي الكافر أثبت لله من الصفات, ما نفاه صاحبك عن الله عز وجل.
الخامس: لو
جاء يهودي الآن, وأثبت لله صفة ليست في كتاب الله, ولا في سنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم, هل تقبلها ؟.
السادس: أن
النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع اليهود تُحدِّث, أن العزل هو الموؤدة الصغرى,
قال النبي صلى الله عليه وسلم:" كذبت اليهود, ولو أراد الله أن يخلقه ما
استطعت أن تصرفه". رواه ابوداود,
والنسائي.
فكذَّبهم عندما قالوا الباطل, وأقرهم صلى الله عليه وسلم لما قالوا
حقاً دل عليه الكتاب والسنة.
السابع: أنه ما من
إنسان إلا له حسنات, حتى مشركو قريش كانوا أهل سدانة, ورفادة وسقاية, ولكن أمر
العقيدة, والكلام في الدين أصل أصيل, ونحن نحذر من فتنة كتاباته, وضلال تصوراته
وعقيدته, ليحذرمنها الناس, وما من عالم إلا له زلة.
لكن! هل زلة العقيدة, وهدم أصول الدين من رجل
غير عالم بالشرع, ولا معروف بنصرة السنة, كزلة عالم صنديد في أمر يسير, أو مسألة
من المسائل؟ فهل تستطيع أن تقول أن أخطاءه مثل أخطاء الحافظ ابن حجر, والنووي _
رحمهما الله_ وغيرهما من أهل العلم الكبار؟؟ ويجب أن يكون أضراب ابن سينا, والرازي,
والفارابي ... وحتى سيد قطب في نفس الميزان .
الثامن: لا شك أن
الحق ضالة المؤمن, ولكن ! هل ما نحن بصدده من هذا الباب؟؟ نحن نتكلم عن خطأ إنسان
في العقيدة, والدين, والمنهج, أدى إلى ثورات وسفك دماء وتفجيرات وانتحارات, وتكفير
للمسلمين .
أما قولك: [
وهل نقل واحد منكم كلام سيد قطب الحق في دروسه ومؤلفاته؟].
فالجواب من وجوه :
الأول: ما
هو الحق الذي ننقله عن سيد؟ أننقل تعطيل صفات الله ؟ أم ننقل سب موسى _عليه السلام_
والأنبياء؟ أو ننقل سب الخليفة الراشد عثمان بن عفان _ رضي الله عنه_ ؟ أو ننقل
كلامه في الصحابة, أنهم كذبة, وغشاشون, وخونة؟ أو ننقل تكفيره للمسلمين ؟ أو دعوة
شبابهم لقتل رؤسائهم ووزرائهم ومسؤوليهم؟ أم ننقل صناعة القنابل والمتفجرات لقتل
المسلمين؟ أو ننقل نسف الكباري والمنشآت؟ أو القول بوحدة الوجود؟ إلى غير ذلك من
المخازي .
الثاني: النقل
عن كتب أهل البدع نهى عنه السلف, إلا إذا كان من أجل الرد عليهم .
قال
الإمام أحمد _ رحمه الله_ : [ إياكم أن تكتبوا عن أحد من أصحاب الأهواء, قليلاً
ولا كثيراً, عليكم بأصحاب الآثار والسنن ] .
[ سير أعلام النبلاء 11/231]
وقال الأوزاعي_ رحمه الله_ :
[ عليك بآثار السلف, وإن رفضك الناس, وإياك وآراء الرجال, وإن زخرفوه لك بالقول ].
[ الشريعة 63].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه
الله_ : [ ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم, أو ذب عنهم, أو أثنى عليهم, أو عظم
كتبهم, أو عُرف بمساعدتهم, ومعاونتهم, أو كره الكلام فيهم, أو أخذ يعتذر لهم, بأن
هذا الكلام لا يدري ما هو ؟ أو قال: أنه صّنف هذا الكتاب ؟ وأمثال هذه المعاذير,
التي لا يقولها إلا جاهل, أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم, ولم يعاون على
القيام عليهم, فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات, لأنهم أفسدوا العقول
والأديان, على خلق من المشايخ والعلماء, والملوك والأمراء, وهم يسعون في الأرض
فساداً, ويصدون عن سبيل الله]. [ مجموع الفتاوى: 2/132].
الثالث: لو
فرض وجود الحق في كتبه, فهل انفرد به وجهله السلف أم علموه؟ فإن جهلوه وعلمه سيد
فلا خير فيه, وإن علمه السلف وسيد, فأخْذُه عن السلف ألزم وأوجب, ولسنا بحاجة
لأخذه عن الخلف المبتدعة .
وكما قيل: ( في طلعة البدر ما
يغنيك عن زحل ).
الرابع: عيبك
لنا بعدم الأخذ عن كتب سيد مدح لنا, لأن الله عز وجل أغنانا عنها, وعن أمثالها
بكتب السلف الصالح .
الخامس: قولك
: هل نقل واحد( منكم)؟؟..
فأقول: أمّا فيما مضى فأنت واحد منا, أما الآن فلا أدري هل أخرجت
نفسك منا إلى غيرنا أم ماذا ؟؟..
وصدق المثقب العبدي في رسالته لعمرو بن هند عندما قال :
إلى عمرٍو ومن عمرٍو أتتنـي
أخي النجدات والحلم الرزينِ
فإما أن تكون أخي بصــدق
فـأعـرف
منك غثيَّ من سميني
وإلا فاطَّـرحـنـي واتـَّخــذني عــدواً أتـقــيـــك وتـتـَّـقـيــنــي
فإني لو تـخـالفــني شمــالي
خـلافـك
ما وصلت بها يمـــيـنـي
أما قولك: (
أن ابن باز _ رحمه الله_ نقل كلام سيد في جريان الشمس ).
فالجواب: هذا
النقل كنقله _رحمه الله_ عن فيثاغورس, وهذا كاف في الجواب .
لكن هل
نقل عنه في العقيدة والفقه والمنهج ؟ أم قال: مسكين ضائع في التفسير, وقال عن كتبه
يجب أن تمزق, وقال: الاستهزاء بالأنبياء ردة مستقلة, وقال عن تفسيره للاستواء: هذا
كلام فاسد.
وقال عن
سبه للصحابة: ( هذا كلام قبيح وكلام منكر, وقال مرة: كلام سقيم وخبيث), فهلاّ نقلت
هذا الكلام عن الإمام ابن باز _ رحمه الله _ لتحذر من فتنة سيد, بدلاً من تعلقك
بنقله عن فيثاغورس؟
قولك: ( أنك اطلعت على الرسالة
التي جمعها أحدهم في الاستخلاف والتمكين, والتي نقل فيها عن سيد قطب اثنتي عشرة
مرة وتأييدك لها ).
فالجواب من وجوه :
الأول: ألا
رضيت لأخيك المسلم _ صاحب الرسالة_ ما رضيت لنفسك, عندما قلت في مقدمة رسالتك:
(ولم أذكر أنني – تعني نفسك – إذا درّست التفسير قمت بنقل كلام سيد قطب للطلبة, فضلاً
عن تدريس كتبه ). وزرتني في منزلي, لتفند
أقوال من كذب عليك, بأنك تدرس كتب سيد قطب.
فالواجب
عليك أن تحب لأخيك صاحب الرسالة ما تحب لنفسك, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"
لا يؤمن
أحدكم؛ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". متفق عليه.
الثاني: تقدم
كلام شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله_ وقوله: [ ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم,
أو ذب عنهم, أو أثنى عليهم, أو عظم كتبهم, أو عرف بمساعدتهم, أو معاونتهم, أو كره
الكلام فيهم ...].
وقول الشيخ بكر أبو زيد _
حفظه الله_: [ فكل من ظاهر مبتدعاً, فعظمه, أو عظم كتبه, ونشرها بين المسلمين ونفخ
به وبها, وأشاع ما فيها من بدع وضلال... الى قوله: وقد ابتلينا بهذا الزمان
بأقوام, على هذا المنوال, يعظمون المبتدعة ولا يحذرون من سقطاتهم ...].
وقال
رافع بن أشرس : [ من عقوبة الفاسق المبتدع ألا تذكر محاسنه] .
[ شرح علل الترمذي 1/353 ].
قولك: ( هذه
التحذيرات المتكررة, ليست من طريقة علمائنا).
الجواب: هذا
كلام يجانبُهُ الصواب, فقد نقلت لك عن الشيخ ابن باز, والألباني, وابن عثيمين _
رحمهم الله_, والفوزان, وابن غديان, وربيع المدخلي, والشيخ صالح الفوزان, والشيخ
صالح آل الشيخ _ وزير الشؤون الإسلامية_, وشيخنا الشيخ عبد الله العبيلان _ حفظهم
الله جميعاً_ ولم أستقصِ, فكل هؤلاء يضللون
سيد قطب, وينهون عن قراءة كتبه.
بل
سمعت بالإسناد العالي, قول ابن عثيمين _ رحمه الله_:( لولا الورع لكفرته), وكلام
علمائنا, فيه وفي غيره من أهل البدع, مشهور متواتر في مؤلفاتهم.
قولك: ( أنك
جالست الشيخ ابن باز, و ابن عثيمين_ رحمهما الله_).
فلا
شك أنك كنت طالباً في القصيم, وتحضر وقت فراغك
دروس الشيخ, وكنت مدرساً في الرياض, وتحضر مجالس ابن باز _ رحمه الله_ في أوقات
فراغك, وقولك لم أسمعهم
يتكلمون في سيد.
فالجواب:
[ أن من حفظ حجة على من لم يحفظ ] وكلامك محتمل
لوجوه:
الكذب على المشايخ, وهذا
تُنَزَّهُ عنه, أو المكابرة, وهذه كذلك, ولا يخفى
عليك أن الإنسان تعتريه الغفلة وسوء الحفظ.
والمثبت مقدم على النافي, فما
نفيته عن المشايخ, أثبته غيرك, وهو مدّون في كتبهم وأشرطتهم, وقد أحلتك على مليءٍ,
ومن أحيل على مليءٍ فليتبع, فهلا كلفت نفسك قليلاً, وسمعت الأشرطة التي أحلتك
عليها, أو الكتب التي ذكرت لك.
قولك: ( ولم
يكتبوا_ رحمهم الله_ رسائل تحذير عن سيد, وعن مؤلفات سيد قطب, في مجموع رسائلهم).
فالجواب: وهل هناك أبلغ من قول الشيخ
ابن باز _رحمه الله_: [ مسكين ضائع في التفسير, وكتبه تمزق, وكلامه خبيث سقيم قبيح
]؟؟.
وقول الشيخ ابن عثيمين _ رحمه الله_: [ لولا الورع لكفرته, ويقول
إنه يقول بوحدة الوجود].
وقول الألباني _ رحمه الله_: [ سيد قطب, لم يكن على معرفة بأصول
الإسلام, ولا فروعه].
وقول الشيخ صالح الفوزان _ حفظه الله_ في كلامه على الرق: (هذا
كلام باطل, ومن قاله فإنه يكفر, أما من قاله مقلداً أو جاهلاً فهذا يعذر بجهله,
والجهل آفة قاتلة).
وقول الشيخ ربيع المدخلي
_ حفظه الله_: ( اشتملت كتب سيد قطب على بدع كبرى كثيرة مردية, وإنها أخطر على
شباب الأمة, من السموم القاتلة, والأسلحة المدمرة, لأنها تدمر العقل والعقيدة ).
وقول معالي وزير الشؤون
الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ _ حفظه الله_ :
(
اشتمل كتابه على كثير من البدع والضلالات ) .
فماذا بعد هذه
التحذيرات المتكررة من علمائنا. ( راجع النصيحة صفحه 5 و6).
ثم اعلم أن مجالسة العلماء, لا تعني
الاستفادة التامة, أو العلم بكل ما قالوه.
فهذا الخضير التائب _ هداه الله_ يقول:
لازمت الشيخ ابن عثيمين سنوات, ومع ذلك لم يستفد الخضير مع طول الملازمة, وما ضر
ذلك الشيخ ابن عثيمين _رحمه الله_ .
أما قولك: (
أن الألباني _ رحمه الله_ أنصف سيد قطب ).
فقد صدقت
حيث قال _ رحمه الله_ : ( سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه).
قولك: ( أن كلام
الشيخ ابن باز _ رحمه الله_ في جماعة التبليغ لا يعد تراجعاً).
فالجواب: هذا
كلام في غاية الخطورة, وافتراء على الشيخ _ رحمه الله_, ومخالف لفتوى الشيخ في
جماعة التبليغ أنهم من الثنتين والسبعين فرقة الهالكة, كما نقلت لك عن الشيخ .
ويدل
هذا على أنك لا تميز بين فتاوى الشيخ, وأقواله القديمة والحديثة, فانتبه _بارك
الله فيك_ ولا تتقول على أهل العلم, أو تشكك في فتاواهم, إرضاءً لبعض الناس, لأن
رضا الناس غاية لا تدرك كما قيل .
ولكن!
عليك بما يرضي ربك أولاً, وتنجو به من عذابه, ولا تظن أنك سترضي جميع الفرق بهذه
الشنشنة, فالحق أبلج, والباطل لجلج, وقد قال النبي _عليه الصلاة السلام_ : "
من أرضى الناس بسخط الله, وكله الله إلى الناس, ومن أسخط الناس برضا الله, كفاه
الله مؤنة الناس ". رواه الترمذي
بسند صحيح.
أما قولك: (
وأما أنا فأنصح طلاب العلم, ألا ينضموا تحت هذه الجماعات, وأن يتبعوا طريق أهل
العلم ..).
فأقول: إن
قصدت الجماعات الحزبية والحركية, كجماعة الإخوان المسلمين, وجماعة التبليغ,
والسرورية, والقطبية, والتكفير, وغيرها فهذا حق, دعا إليه أهل العلم في القديم
والحديث, وامتلأت كتب السلف, من التحذير من أهل البدع, ومناهجهم الباطلة.
وإن أردت تحذير الشباب, من منهج
السلف الصالح, ومن الانتساب له, أو جعل منهج السلف كمناهج أهل البدع, وأن أتباع السلف
حزب كـتـلك الأحزاب, فهذا كلام باطل مردود, ترده الآيات, والأحاديث,
والآثار, وأقوال السلف, وإذا كنت تتبرأ من السلفية (والسلفين) فنحن والله نتولاهم,
ونحبهم, ونذب عنهم, وننتمي لهم, وننتسب إليهم, ونسأل الله سلوك طريقهم في الدنيا, وأن نحشر في زمرتهم يوم القيامة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
_ رحمه الله_ في الفتاوى 3/155 : [ شعار أهل البدع, هو ترك انتحال اتباع السلف ].
وقال الشيخ بكر أبو زيد
_ حفظه الله_ في حلية طالب العلم ص/12: [ كن سلفياً على الجادة, على طريق السلف
الصالح من الصحابة _ رضي الله عنهم_, فمن بعدهم ممن قفا أثرهم, في جميع أبواب
الدين من التوحيد, والعبادات, ونحوها ... ].
وأما ما ذكرت من أهل العلم, فحدث
ولا حرج, ولكن! ما وجه اقتصارك عليهم؟ ولماذا تركت شيوخ الإسلام وأئمة السلف ؟
كإمام أهل السنة أحمد بن حنبل _رحمه الله_, وشيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله_
وتلميذه ابن القيم, وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب _ رحمهم الله_ ومن سبقهم من
القرون المفضلة؛ الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: " خير الناس قرني,
ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم " متفق عليه .
من الصحابة, والتابعين, وأتباعهم,
ومن لحقهم من أئمة السلف الكرام, المجددين لمنهج السلف الذابين عنه .
وأما
مانقلت عن الشيخ محمد بن عثيمين _غفر الله له_ فإنه عنى قوماً, كانوا يأمرون
بإحراق كتب الإمامين المحدِّثَيْن البارعين ابن حجر والنووي_ رحمهما الله تعالى
رحمة واسعة_, فجَمَع طلبة العلم, في منزل الشيخ سليمان العامر _ غفر الله له_ وقال: قولوا (آمين), فقلنا:
(آمين), فقال : ( اللهم اغفر للنووي وابن حجر, فعل ذلك
ثلاث مرات), ثم أطفأ الله تلك الفتنة
والفئة, ولا تظن أن الشيخ يعيب السلف, ومنهجهم, وأتباعهم, والمنتسبين لهم.
ونقلك عن الشيخ محتمل لأمرين :
إما أنك تأنف من الانتساب لمنهج السلف, أو لا
تدري سبب المقولة .
فإن كنت لا تدري, فتلك مصيبة وإن كنت تـدري, فالـمصيبة أعظم
|

يظن بعض الناس أن السلفية
(والسلفيين) جماعة حزبية, كجماعة (الإخوان المسلمون ) والتبليغ, والقطبية,
والسرورية, والتكفيرية, وغيرها.
لذلك وُجد من يأنف من الانتساب لهم,
أو لمنهجهم, ويُنكر على من قال: أنا سلفي, أو على منهج السلف, أو علماء السلف,
وهذا الظن فاسدٌ من وجوه :
الأول: أن
المنتسبين لمنهج السلف وللسلفية هم أهل السنة والجماعة, وأهل الأثر وأهل الحديث,
والفرقة الناجية, والطائفة المنصورة, والسلف الصالح الذي تنسب إليه السلفية, هم
ورثة النبي صلى الله عليه وسلم, من المهاجرين والأنصار, والتابعين لهم بإحسان,
وأئمة الدين والهدى .
الثاني:
أن السلفي هو من رضي بهذا الميراث, واكتفى به, ولزم الكتاب والسنة على فهم علماء
الأمة من الصحابة فمن بعدهم .
الثالث: أن الانتساب
للسلف فخر, وشرف, ومدح, وتميزٌ لهم عن الخلف المبتدعة.
الرابع: وُجد من
يطعن في السلفية, من أتباع الجماعات الحزبية, ويجعلها حزباً كبقية الأحزاب الضالة,
حتى لا ينتسب لها, وينفر الناس عنها, وعن أهلها.
الخامس: لا
يوجد عالم من علماء السلف تبرأ من السلفية, وأتباعها, بل المنصوص عنهم دعوة الناس
لها, والسير على منهاجها, لأنها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, والتابعين,
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
السادس: إن
هذه البلاد أسست على الدعوة السلفية, كما نص على ذلك مؤسسها الملك عبد العزيز بن
عبد الرحمن آل سعود _ رحمه الله_ عندما قال في الخطاب الذي ألقاه في منى, خلال
موسم الحج لعام 1365هـ في اليوم العاشر من ذي الحجة عندما قال في خطابه: (إنني رجل
سلفي, وعقيدتي هي السلفية, التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة ).
وقال في الخطاب نفسه: [ يقولون:
أننا (وهابية), والحقيقة أننا سلفيون, محافظون على ديننا, ونتبع كتاب الله, وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم ].
( المصحف
والسيف ص 135 _136 ).
وقال في رسالة أرسلها إلى أبي
يسار الدمشقي, وناصر الدين الحجازي : [... وهذه هدية نهديها إليكم, من كلام علماء
المسلمين, وبيان ما نحن ومشايخنا عليه, من الطريقة المحمدية, والعقيدة السلفية,
ليتبين لكم حقيقة ما نحن عليه, وما ندعوا إليه, نحن وسلفنا الماضون, نسأل الله لنا
ولكم التوفيق والهداية لأقوم منهج وطريق, والسلام]. ( الدرر
السنية 1/303_305).
وقد مدحه الشيخ أحمد شاكر في مقدمة
عمدة التفسير 1/7 بقوله: [ إمام أهل السنة, ومحيي مذهب السلف, وباعث النهضة
الإسلامية].
يعني الملك عبد العزيز _ رحمه
الله_ .
السابع : أن خطأ المنتسب لمنهج السلف
الصالح, لا ينسب إلى المنهج الصحيح, بل يُردُّ الخطأ على قائله, ويُنسب خطؤه إليه .
الثامن : إذا كنت
تأنف من الانتساب للسلفيين, فعلماء الإسلام يعتزون ويفخرون بهذه النسبة, وإلـيــك أقــوالــهــم
:
·
قال شيخ الإسلام ابن تيمية _
رحمه الله _ في الفتاوى ج4/149 : [ لا عيب على من أظهر مذهب السلف, وانتسب
إليه, واعتزى إليه, بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق, فإن مذهب السلف لا يكون إلا
حقاً ].
·
وقال في الفتوى الحموية ص (34):
[ واعلم أنه ليس في العقل الصريح, ولا في شيء من النقل الصحيح, ما يوجب مخالفة
الطريقة السلفية أصلاً ...].
·
وقال ابن القيم: [ فالناس كانوا
طائفتين: سلفية وجهمية, فحدثت طائفة السبعية, واشتقت قولاً بين القولين, فلا
السلف اتبعوا, ولا مع الجهمية بقوا ]. (الصواعق
المرسلة 1/ 226).
والسبعية: هم الذين لا يثبتون
لله عز وجل إلا سبع صفات.
·
وقال الذهبي
في تراجمه لبعض علماء السلف, لما ترجم لأبي طاهر السَّلَفي كما في السير 21/6, قال
: [... فالسَّلَفي مستفاد مع السَّلَفي _ بفتحتين _ وهو من كان على مذهب السلف].
·
وقال لما ترجم لابن صلاح _رحمه
الله_ في التذكرة 4/1431 قال : [ وكان سلفياً حسن الاعتقاد, كافاً عن تأويل
المتكلمين, مؤمناً بما ثبت من النصوص, غير خائض ولا معمق ...].
·
وقال في السِّير
13/380 عند كلامه على ما يحتاج إليه الحافظ: [ الأمانة جزء من الدين, والضبط داخل
في الحذق, فالذي يحتاج إليه الحافظ, أن يكون تقياً ذكياً ..., زكياً, حيياً, سلفياً...]
·
وقال في السير أيضاً 16/457 عند
ترجمة الدارقطني _ رحمه الله_ : [
وصح عن الدارقطني أنه قال : ما شيء أبغض إلي من علم الكلام ]. سمع هذا القول منه
أبوعبد الرحمن.
·
قال الذهبي _ رحمه الله_ :
[ قلت : لم يدخل الرجل أبداً في علم الكلام, ولا الجدال, ولا خاض في ذلك, بل كان
سلفياً].
·
وقال في معجم الشيوخ عند ترجمة
محمد بن محمد المفضل البهراني ترجمة رقم 843: [... وكان ديّناً, خيّراً, سلفياً,
مَهيباً, تام الشكل ...].
·
وقال في معجم الشيوخ أيضاً عند
ترجمة يحيى بن إسحاق بن خليل الشيباني رحمه الله رقم 957: [ وكان عارفاً بالمذاهب,
خيّراً متواضعاً, سلفياً, حميد الكلام...].
·
وقال في السير 13/183في ترجمة
يعقوب بن سفيان الفسوي رقم 106: [...وما علمت يعقوب الفسوي إلا سلفياً ...].
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب _
رحمه الله_: [ فنحن والحمد لله متبعون غير مبتدعين, مقلدون للكتاب, والسنة, وصالح
سلف الأمة, على مذهب أهل السنة والجماعة, الذي هو أمر الله ورسوله]. [عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه
الله_ السلفية للشيخ صالح العبود ص220].
·
ويقول الشيخ عبد الله بن الشيخ
محمد بن عبد الوهاب _ رحمه الله_ : [ مذهبنا في أصول الدين, مذهب أهل السنة والجماعة,
وطريقتنا طريقة السلف, التي هي الطريق الأسلم, بل والأعلم, والأحكم, خلافاً لمن
قال: طريق الخلف أعلم ]. [ الدرر السنية1/126].
·
وقال ابناه الشيخ حسن والشيخ
عبد الله _ رحمهما الله_ لما سئلا عن
عقيدته : [ عقيدة الشيخ_ رحمه الله تعالى _ الذي يدين الله بها؛ هي
عقيدتنا, وديننا الذي ندين الله به, وهو عقيدة سلف الأمة, وأئمتها من الصحابة,
والتابعين لهم بإحسان, وهو اتباع ما دل عليه الدليل, من كتاب الله تعالى, وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم ]. [ الدرر السنية 1/122_123 ].
· وقال الشيخ عبد الله البسام _ رحمه الله _ في معرض نقله عن علماء
السلف في حكم الماء المتغير : [ وعلماء الدعوة السلفية بنجد, وغيرهم من المحققين
إلى أن الماء لا ينجس بملاقاة النجاسة, ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة: الطعم,
واللون, والريح]. [ توضيح الأحكام 1/131].
· وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز _ رحمه
الله_ : [ وليست الوهابية مذهباً خامساً كما يزعمه الجاهلون والمغرضون,
وإنما هي دعوة إلى العقيدة السلفية, وتجديد لما درس من معالم الإسلام والتوحيد]. [ فتاواه 3/1306].
وقال في
وصيته لبعض طلاب العلم : [ ونوصيك بالالتحاق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة,
فهي جامعة سلفية, تعلم طلابها عقيدة أهل السنة والجماعة ]. [فتاواه 1/98].
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة
رقم 6149~2/164 :
( سؤال: أريد
تفسيراً لكلمة السلف, ومن هم السلفيون ...؟
جواب : السلف هم
أهل السنة والجماعة, المتبعون لمحمد _صلى الله عليه وسلم_ من الصحابة _ رضي الله
عنهم_ ومن سار على نهجهم إلى يوم القيامة, ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الفرقة
الناجية قال : "هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي"...).
وجاء في الفتوى رقم 1361~1/165:
[ سؤال: ما هي السلفية وما رأيكم
فيها ؟
الجواب: السلفية
نسبة إلى السلف, والسلف هم صحابة رسول الله صلى عليه وسلم وأئمة الهدى, من أهل
القرون الأولى _ رضي الله عنهم _ الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالخيرية في قوله : "خير الناس قرني, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم, ثم
يجيء أقوام, تسبق شهادة أحدهم يمينه, ويمينه شهادته ". رواه الإمام أحمد في مسنده, والبخاري, ومسلم.
والسلفيون جمع سلفي نسبة إلى السلف,
وقد تقدم معناه, وهم الذين ساروا على منهج السلف, من اتباع الكتاب والسنة, والدعوة
إليهما, والعمل بهما, فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة. وبالله التوفيق, وصلى الله
على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ].[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء] .
· وقال
الشيخ محمد بن عثيمين _ رحمه الله_ في شرح العقيدة الواسطية 1/53_54
ما نصه : [... يخطئ من يقول : إن أهل السنة والجماعة ثلاثة : سلفيون, وأشعريون,
وماتريديون, فهذا خطأ, نقول: كيف يكون الجميع أهل سنة وهم مختلفون !! فماذا بعد
الحق إلا الضلال, وكيف يكونون أهل سنة, وكل واحد يرد على الآخر ؟! هذا لا يمكن؛
إلا إذا أمكن الجمع بين الضدين فنعم, وإلا فلا شك أن أحدهم وحده هو صاحب السنة.
فمن هو ؟!
الأشعرية ؟
أم الماتدريدية ؟ أم السلفية ؟.
نـقول: من
وافق السنة فهو صاحب سنة, ومن خالف السنة, فليس صاحب سنة, فنحن نقول: السلف هم أهل
السنة والجماعة, ولا يصدق الوصف على غيرهم أبداً, والكلمات تعتبر بمعانيها, لننظر!
كيف نسمي من خالف السنة أهل السنة ؟ لا يمكن, وكيف يمكن أن نقول عن ثلاث طوائف
مختلفة أنهم مجتمعون, فأين الاجتماع؟ فأهل السنة والجماعة, هم السلف معتقداً حتى
المتأخر, إلى يوم القيامة إذا كان على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنه
سلفي ].
· وقال في شرح العقيدة
السفارينية الشريط الأول ما نصه : [ من هم أهل الأثر ؟ هم الذين اتبعوا الآثار؛
اتبعوا الكتاب والسنة, وأقوال الصحابة _رضي الله عنهم_ وهذا لا يتأتى في أي فرقة
من الفرق إلا على السلفيين, الذين التزموا طريق السلف...]
فهذا كلامه
المحكم رحمه الله, فلماذا عدلت عنه وتعلقت بالمتشابه ؟؟
· وقال
العلامة المحدث الشيخ ناصر الدين الألباني _ رحمه الله _ في
جوابه على سؤال نصه: [ لماذا
التسمي بالسلفية ؟ أهي دعوة حزبية ؟ أم طائفية ؟ أو مذهبية ؟ أم هي فرقة جديدة في
الإسلام ؟
الجواب, قال: [ إن
كلمة السلف معروفة في لغة العرب, وفي لغة الشرع؛ وما يهمنا هنا هو بحثنا من
الناحية الشرعية؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته للسيدة
فاطمة رضي الله عنها: " فاتقي الله واصبري, ونعم السلف أنا لك ".
ويكثر
استعمال العلماء لكلمة السلف, وهذا أكثر من أن يعد ويحصى, وحسبنا مثالاً واحداً,
وهو ما يحتجون به في محاربة البدع :
[ وكل خير في اتباع من سلف, وكل شر
في ابتداع من خلف ].
ولكن هناك من يدعي العلم, ينكر هذه
النسبة, زاعماً ألا أصل لها, فيقول: لا يجوز للمسلم أن يقول: أنا سلفي, وكأنه يقول
: لا يجوز أن يقول مسلم : أنا متبع للسلف الصالح, فيما كانوا عليه, من عقيدة,
وعبادة, وسلوك .
لا شك أن مثل هذا الإنكار, لوكان
يعنيه, يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح, الذي كان عليه سلفنا الصالح, وعلى
رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم, كما يشير الحديث المتواتر, الذي في الصحيحين
وغيرهما, عنه صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني, ثم الذين يلونهم, ثم
الذين يلونهم ".
فلا يجوز
لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح, بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى, لا
يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق .
والذي ينكر هذه التسمية, نفسه ترى
أنه لا ينتسب إلى أي مذهب من المذاهب, سواء أكان هذا المذهب متعلقاً بالعقيدة, أو
بالفقه .
فهو إما أن
يكون أشعرياً, أو ماتريدياً, وإما أن يكون من أهل الحديث, أو حنفياً, أو شافعياً,
أو مالكياً, أو حنبلياً؛ مما يدخل في مسمى أهل السنة والجماعة, مع أن الذي ينتسب
إلى المذهب الأشعري, أو المذاهب الأربعة, فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلا شك,
وإن كان منهم العلماء الذين يصيبون, فليت
شِعري هلاّ أنكر مثل هذا الانتساب إلى الأفراد غير المعصومين.
وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح, فإنه
ينتسب إلى العصمة _ على وَجه العموم _ وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات
الفرقة الناجية, أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما كان
عليه أصحابه.
فمن تمسك
به, كان يقيناً على هدى من ربه ... ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة
البينة هي أن نقول: أنا مسلم على الكتاب والسنة, وعلى منهج سلفنا الصالح, وهي أن تقول باختصار :
( أنا سلفي ) ].
[ مجلة الأصالة
العدد التاسع ص86_87 ].
·
قال الشيخ صالح الفوزان _ حفظه
الله_ في كتابه البيان ص130 ما نصه: (فهذان الحديثان يدلان على وجود
الافتراق, والانقسام, والتميز بين السلف وأتباعهم, وبين غيرهم. والسلف ومن سار على
نهجهم, ما زالوا يميزون أتباع السنة عن غيرهم من المبتدعة والفرق الضالة, ويسمونهم
أهل السنة والجماعة, وأتباع السلف الصالح, ومؤلفاتهم مملوءة بذلك, حيث يردون على
الفرق المخالفة لفرقة أهل السنة وأتباع السلف ).
وقال أيضاً ص 156 : (... كيف يكون
التمذهب بالسلفية بدعة, والبدعة ضلالة؟! وكيف يكون بدعة وهو اتباع لمذهب السلف, واتباع
مذهبهم واجب بالكتاب والسنة, وحق وهدى؟!
قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ
مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ
اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{100}} التوبة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" عليكم بسنتي, وسنة الخلفاء الراشدين المهدين..."
فالتمذهب بمذهب السلف سنة وليس بدعة,
وإنما البدعة التمذهب بغير مذهبهم ).
وقال الشيخ صالح الفوزان أيضاً في
المصدر السابق ص133 في رده على قول البوطي : (إن السلفية لا تعني إلا مرحلة زمنية)
.
قال:(ونقول: هذا التفسير للسلفية مرحلة زمنية, وليست جماعة, تفسير
غريب وباطل, فهل يقال للمرحلة الزمنية بأنها سلفية ؟! هذا لم يقل به أحد من البشر,
وإنما تطلق السلفية على الجماعة المؤمنة, الذين عاشوا في العصر الأول من عصور
الإسلام والتزموا بكتاب الله, وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, من المهاجرين والأنصار,
والذين اتبعوهم بإحسان, ووصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "خيركم
قرني, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم ". الحديث, فهذا وصف لجماعة, وليس
لمرحلة زمنية, ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم افتراق الأمة فيما بعد, قال عن
الفرق كلها : " أنها في النار إلا واحدة ".
ووصف هذه الواحدة بأنها هي التي
تتبع منهج السلف, وتسير عليه, فقال : "هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم
وأصحابي ..." فدل على أن هناك جماعة سلفية سابقة, وجماعة متأخرة تتبعها في نهجها,
وهناك جماعات مخالفة لها, متوعدة بالنار ...).
وقال في محاضرة ألقاها في حوطة سدير
عام 1416هـ بعنوان :
[ التحذير
من البدع ] الشريط الثاني, وذلك جواباً على سؤال نصه:
فضيلة الشيخ, هل السلفية حزب من
الأحزاب ؟ وهل الانتساب لهم مذموم؟
قال في الجواب: السلفية
هي الفرقة الناجية, هم أهل السنة, والجماعة, ليست حزباً من الأحزاب التي تسمى الآن
أحزاباً, وإنما هم جماعة على السنة, وعلى الدين, هم أهل السنة والجماعة, قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين, لا يضرهم
من خذلهم ولا من خالفهم ".
وقال صلى
الله عليه وسلم : " وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة, كلها في النار
إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله ؟! قال : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم
وأصحابي ".
فالسلفية طائفة على مذهب السلف, على
ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وهي ليست حزباً من الأحزاب
العصرية الآن, وإنما هي جماعة قديمة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, متوارثة
مستمرة, لا تزال على الحق ظاهرة إلى قيام الساعة, كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم ).
( ويتضح مما تقدم أن مدلول السلفية أصبح
اصطلاحاً معروفاً, يطلق على طريقة الرعيل الأول, ومن يقتدون بهم في تلقي العلم, وطريقة
فهمه, وبطبيعة الدعوة إليه, فلم يعد إذاً محصوراً في دور تاريخي معين, بل يجب أن
يفهم على أنه مدلول مستمر, استمرار الحياة, وضرورة انحصار الفرقة الناجية في علماء
الحديث والسنة, وهم أصحاب هذا المنهج, وهي لا تزال باقية إلى يوم القيامة, من قوله
صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي منصورين على الحق, لا يضرهم من
خالفهم, ولا من خذلهم " ).
· وقال
الشيخ صالح بن عبد الله العبود _ حفظه الله _ في كتابه [
عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب _ رحمه الله _ السلفية ] ص 1/254_255 : ( إن
المراد من التعبير بالسلفية, هو اتباع طريقة السلف الصالح, من هذه الأمة المسلمة,
الذين هم أهل السنة والجماعة, ومعنى ذلك هو الإجماع, والاجتماع على اتباع سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم, وآثاره, باطناً وظاهراً, واتباع سبيل السابقين الأولين
من المهاجرين والأنصار, والذين اتبعوهم بإحسان ...الخ).
· وقال الشيخ بكر بن عبد الله
أبو زيد في حكم الانتماء ص:90 : (وإذا قيل
[السلف] أو [السلفيون] أو لِجادّتِهم [ السلفية ], فهي هنا نسبة إلى السلف
الصالح, وهم جميع الصحابة _ رضي الله عنهم_ فمن تبعهم بإحسان, دون من مالت بهم
الأهواء بعد الصحابة _ رضي الله عنهم_ من الخلوف, الذين انشقوا عن السلف الصالح
باسم أو رسم, ومن هنا قيل لهم [ الخلف ] , والنسبة [خلفي], والثابتون على منهاج
النبوة, نسبوا إلى سلفهم الصالح في ذلك, فقيل لهم: [السلف, والسلفيون] والنسبة
إليهم [ سلفي] ).
وقال في [حلية طالب العلم] ص _12
: ( كن سلفياً على الجادة, على طريق السلف الصالح من الصحابة _ رضي الله عنهم_,
فمن بعدهم ممن قفا أثرهم, في جميع أبواب الدين؛ من التوحيد, والعبادات, ونحوها,
متميزاً بالتزام آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتوظيف السنن على نفسك, وترك
الجدال, والمراء, والخوض في علم الكلام, وما يجلب الآثام, ويصد عن الشرع ).
· وقال الدكتور إبراهيم بن عامر الرحيلي,
في كتابه [ موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع ] قال: ( وليس من
الابتداع في شيء, أن يتسمى أهل السنة بـ(السلفي)؛ بل إن مصطلح السلف, يساوي تماماً
مصطلح أهل السنة والجماعة, ويدرك ذلك بتأمل اجتماع كل من المصطلحين في حق الصحابة,
فهم السلف, وهم أهل السنة والجماعة ) .
· وقال
صلاح الدين مقبول _ غفر الله له_ في كتابه [ دعوة شيخ الإسلام ] 1/57
عن السلفية: ( هي العودة بالأمة إلى الكتاب والسنة, على منهج السلف الصالح, في
العقيدة والعمل, والسياسة, والاجتماع, والمعيشة, والاقتصاد, وغيرها من نواحي
الحياة. وهي تمثل تعاليم الإسلام النقية, من أكدار الجمود والركود, والشرك
والوثنية, والبدع والأهواء, والخرافات والأوهام, والعادات والتقاليد, وهي تعبير
دقيق عن الإسلام الخالص, الخالي من الشوائب كلها. ولم يخل أي عصر من عصور التاريخ,
من القرون المشهود لها بالخير حتى الآن, من حملة المذهب السلفي, الذي هو التعبير
الأدق عن الاعتصام بالكتاب والسنة, عقيدةً, وعملاً, ومنهجاً, وسلوكاً ).
فهذه نُقُول في الثناء على السلفية
والدعوة إليها, والإنتساب لها, لأنها العقيدة النقية, والسنة المحمدية, والطريقة
المرضية.
فانتبه بارك الله فيك أن تصيبك لوثة
من لوثات الحزبية, فتتنكر للسلفية والسلفيين, فللحزبية عرة كعرة الجرب _ أعاذك
الله منها _, وما هذه الألفاظ التي يطلقونها [ تلفي _ وتلفية _ وتلفيون ] قطع الله
ألسنتهم, إلا تنفيراً للشباب خاصة, وللمسلمين عامة, عن المنهج السلفي القويم, وحشراً
لهم في قوالب الحزبية الضيقة.
قولك: ( كتبت لك هذه الرسالة وانشر هذا
الرد ).
فأقول : كم تمنيت لو وجهت ردك لمنكري
الصفات, والمتلاعبين بالدين, والمستهزئين بالأنبياء والصحابة, ومكفري الأمة .
أو لأولئك,
القائلين عن علمائنا, علماء حيض ونفاس, وعلماء سلاطين, ولا يفقهون الواقع, وجامية,
وتلفية, ولا يوجد في المملكة مرجعية علمية موثوقة, إلى غير ذلك من الألقاب, التي
يلمز بها علماؤنا, أو أرسلت رسالةً لجماعة التبليغ البدعية الصوفية, ودَعَوتهم
فيها للزوم السنة النبوية, بدلاً من البدعة الرديِّة, أُسوةً بعلماء الدعوة
السلفية, التي حفظوها ودعوا إليها بالقول والعمل, ونفوا عنها تحريف الغالين,
وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين, فليتك جندت نفسك للدفاع عنهم, بدلاً من تجنيدها
للدفاع عن الجماعات الحزبية, والكتب الخلفية البدعية .
قولك: (
وأُرفق لفضيلتكم رد الشيخ بكر أبو زيد على الشيخ ربيع ).
فالجواب: إن
هذه الورقة طار بها الحزبيون كل مطار, فشرقوا, وغربوا, ووزعت في المساجد,
والمدارس, والأسواق, ومجامع الناس, وأعطوني نصيبي منها قبل سنوات, ويدل فعلهم على
كثرة أتباع سيد في بلادنا, أجارها الله من البدع وأهلها, وانظر لزاماً [ الحد
الفاصل بين الحق والباطل ] .
وقولك : (
فيها الإنصاف والعدل ) .
فأقول : نص
أهل العلم, على أن أهل البدع, لا تذكر محاسنهم عقوبة لهم .
ولا
يؤخذ عنهم العلم, ولا يحال على كتبهم, ولا تلتمس لهم المعاذير, وأنكروا قاعدة
الموازنات البدعية الحديثة, التي تستر بها أهل البدع, لإخفاء مثالبهم فأخذ بعض
شبابنا _هداهم الله_ ينادي بالعدل والإنصاف مع أهل البدع, وذكر حسناتهم دون إدراك
لما يراد بهم .
ولو
علموا أن هذه القواعد وضعها الحزبيون وأتباعهم, لإيصال باطلهم, وشبهاتهم, لعقول
الشباب, لكان الشباب أول المنكرين لها, والمبتعدين عنها وعن أصحابها.



قال
رافع بن أشرس _ رحمه الله_: [ من عقوبة الفاسق المبتدع, ألا تذكر محاسنه ]. (شرح علل الترمذي 1/353 ) .
وقال
مالك _ رحمه الله_ : [ لا تسلم على أهل الأهواء, ولا تجالسهم, إلا أن تغلظ عليهم, ولا
يعاد مريضهم, ولا تحدث
عنهم الأحاديث ].
( المحجة
البيضاء في حماية السنة الغراء ص 149).
وسئل الشيخ ابن باز _ رحمه الله
_: ( هناك أناس يوجبون الموازنة, ويقولون: أنك إذا انتقدت مبتدعاً
ببدعته, لتحذر الناس منه, يجب أن تذكر حسناته حتى لا تظلمه).
فأجاب الشيخ _ رحمه الله _:
(لا.. ما هو بلازم, ما هو بلازم,
ولهذا إذا قرأت كتب أهل السنة, وجدت المراد التحذير, اقرأ كتاب البخاري ( خلق أفعال
العباد) في كتاب الأدب الصحيح, كتاب السنة لعبد الله بن أحمد, كتاب التوحيد لابن
خزيمة, رد عثمان بن سعيد الدارمي على أهل البدع ... إلى غير ذلك, يوردونه للتحذير
من باطلهم, ما هو المقصود تعديد محاسنهم ... المقصود التحذير من باطلهم, ومحاسنهم
لا قيمة لها بالنسبة لمن كفر, إذا كانت بدعته تكفره؛ بطلت حسناته, وإذا كانت لا
تكفر؛ فهو على خطر؛ فالمقصود هو بيان الأخطاء والأغلاط التي يجب التحذير منها ) .
( من شريط مسجل
لدرس من دروس الشيخ _رحمه الله_ التي ألقاها في صيف عام 1413هـ في الطائف بعد صلاة
الفجر) .
وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان
الفوزان _ حفظه الله _
سؤال بعد أن سئل قبله عدة أسئلة حول الجماعات, السؤال التالي :
(طيب
يا شيخ تحذر منهم, دون أن تذكر محاسنهم مثلاً, أو تذكر محاسنهم وسيئاتهم ) .
فأجاب _حفظه الله_:
( إذا ذكرت محاسنهم؛ معناه : دعوت
لهم, لا .. لا, لا تذكر, اذكر الخطأ الذي هم عليه فقط؛ لأنه ما هو موكول لك أن
تدرس وضعهم وتقوّم, أنت موكول لك بيان الخطأ الذي عندهم, من أجل أن يتوبوا منه,
ومن أجل أن يحذره غيرهم, أما إذا ذكرت محاسنهم؛ قالوا: الله يجزاك خير, نحن هذا
إلي نبغيه...).
( من شريط مسجل للدرس الثالث من دروس كتاب التوحيد التي
ألقاها فضيلته في صيف عام 1413 هـ في الطائف ) .
وسئل الشيخ صالح بن محمد
اللحيدان _ حفظه الله_ في محاضرته التي ألقاها بالرياض بعنوان : ( سلامة
المنهج دليل الفلاح ) السؤال الآتي:
( فضيلة الشيخ : هل من منهج أهل
السنة والجماعة في التحذير من أهل البدع والضلال ذكر محاسن المبتدعة, والثناء
عليهم, وتمجيدهم بدعوى الإنصاف والعدل؟)
فأجاب: ( وهل
قريش في الجاهلية وأئمة الشرك, لا حسنة عندهم ؟!.
هل جاء في القرآن ذكر حسنة من
محاسنهم ؟!.
هل جاء في السنة ذكر مكرمة من
مكارمهم ؟!.
كان العرب في الجاهلية يكرمون الضيف,
ويحفظون الجار, ومع ذلك لم تذكر فضائلهم من عصى الله جلَّ وعلا ([7]).
وليست
المسألة مسألة تعداد المحاسن والمساوئ, وإنما المسألة تحذيرٌ من خطر.
وإذا أراد الإنسان أن ينظر إلى
أقوال الأئمة, كأحمد بن حنبل, ويحيى بن معين وعلي بن المديني, وشعبة .
هل كان أحدهم إذا سئل عن شخص مجروح
وقال كذاب, هل قال: ولكنه كريم الأخلاق, جواداً في بذل المال, كثير التهجد في
الليل ؟!
وإذا
قالوا مختلط, إذا قالوا : أخذته الغفلة, هل كانوا يقولون: ولكن فيه .. ولكن فيه..
ولكن فيه ؟!!! لا .. لماذا يطلب من الناس في هذا الزمن, إذا حذر من شخص أن يقال:
ولكنه كان فيه .. وكان فيه .. وكان فيه ؟!!
هذه دعايات من يجهل قواعد الجرح
والتعديل, ويجهل أسباب تحقيق المصلحة, والتنفير من ضياعها) .
وسئل الشيخ عبد المحسن العباد
_ حفظه الله_ هذا السؤال في درس سنن النسائي في يوم الجمعة بتاريخ(20/11/1416هـ)
وشريط رقم (18942) تسجيلات المسجد النبوي :
(هل من منهج السلف أني إذا انتقدت
مبتدعاً ليحذر الناس منه, يجب أن أذكر حسناته لكي لا أظلمه ؟)
فأجاب بقوله
: ( لا .. لا ما يجب, إذا حذرت من بدعة, وذكرت البدعة, وحذرت منها. فهذا هو
المطلوب, ولا يلزم أنك تجمع الحسنات, وتذكر الحسنات؛ وإنما للإنسان أن يذكر
البدعة, ويحذر منها, وأنه لا يغتر بها) .
الـخـاتــمــة
وفي الختام أوصي المسلمين عامة,
وطلبة العلم خاصة؛ بالاكتفاء بكتب السلف, ففيها صحة العقيدة, وصحة العبادة, وسلامة
المنهج .
والبعد عن كتب الخلف المبتدعة,
ففيها الانحراف العقدي, والسلوكي, وفيها السم الزعاف, وفيها الشر كله .
فمن أراد لنفسه النجاة, فاليلزم
الصراط المستقيم الذي أمر الله به .
بقوله: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن
سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {153}}الأنعام.
وقوله:{ مُنِيبِينَ
إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
{31} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا
لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ {32}}الروم
.
وقوله: { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ
مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا
كَانُواْ يَفْعَلُونَ {159}}
الأنعام.
وقوله: { اهدِنَـا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ
عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}} الفاتحة.
وقوله:{ وَعَلَى
اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ{9}}النحل.
ويلزم كذلك وصايا النبي صلى الله
عليه وسلم:
عندما قال:
" لقد جئتكم بها بيضاء نقية " رواه الإمام أحمد.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "عليكم
بسنتي, وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي, تمسكوا بها, وعضوا عليها
بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور ".
رواه أهل
السنن.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "
من أحدث في أمرنا هذا, ما ليس منه, فهو رد". متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "
إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله, فاحذروهم", ثم
قرأ:{فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا
تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ}}(آل عمران الآية7). متفق عليه .
ويلزم وصايا السلف الصالح في
الاتباع, وعدم الابتداع:
كقول ابن مسعود _ رضي الله عنه_
: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ). رواه
الدارمي.
وقال ابن عمر _ رضي الله عنه_ :
(كل بدعة ضلاله, وإن رآها الناس حسنة).
رواه ابن
نصر المروزي.
وقال معاذ بن جبل _رضي الله عنه_
: ( إياك وما يُبتدع, فإن ما ابتُدِع ضلالة). رواه أبو
داود.
وقال عبد الله بن مسعود _ رضي
الله عنه_ : ( عليكم بالعلم قبل أن يقبض, وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق, وعليكم
بالعتيق ). الدارمي (1/66), والإبانة (1/324 ).
وقال : ( الاقتصاد في السنة,
خير من الاجتهاد في البدعة ).
( السنة )
لابن نصر (30), والإبانة : ( 1/320).
قال ابن عباس _ رضي الله عنهما _:
( عليكم بالاستقامة والأثر, وإياكم والبدع). (الاعتصام
للشاطبي : (1/112) .
وقال سعيد بن جبير _ رحمه الله_
في قوله تعالى : {وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}
( أي : لزوم السنة والجماعة ). ( الإبانة (
1/323 ), اللالكائي : (1/71 ).
وقال الأوزاعي _ رحمه الله_ : (
ندور مع السنة حيث دارت ). اللالكائي : (1/64).
وقال أبو عثمان النيسابوري :(
من أمَّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة, ومن أمر الهوى على نفسه قولاً
وفعلاً نطق بالبدعة ).
حلية:
(الأولياء 10/244).
وقال ابن بطة _ غفر الله _ له :
( فـلله در أقوام دقت فطنهم, وصفت أذهانهم, وتعالت بهم الهمم في اتباع نبيِّهم, وتناهت
بهم المحبة, حتى اتبعوه هذا الاتباع؛ فبمثل هدي هؤلاء العقلاء إخواني فاهتدوا, ولآثارهم
فاقتفوا, ترشدوا وتنصروا وتجبروا ). الإبانة : (1/245).
فمن لزم الكتاب والسنة والأثر
فقد نجا, ومن خالف فقد ضل وغوى. وعليك باتباع الحق حيث استقلت ركائبه, ولا يمنعنك
هيبة الناس من اتباعه, أو الدعوة إليه, كما قال النبي _صلى الله عليه وسلم_ : ( لا
يمنعن أحداً منكم مخافة الناس أو بشر, أن يتكلم بالحق إذا رآه, أو علمه, أو سمعه ).
رواه الإمام
أحمد, والترمذي, وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة لشيخنا الألباني رقم 168.
وسلِ الله أن تكون ممن قال فيهم
النبي _صلى الله عليه وسلم _: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين, لا
يضرهم من خذلهم, ولا من خالفهم حتي يأتي أمر الله ". متفق عليه.
وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة, أهل
الحديث والأثر, أتباع السلف الصالح؛ فمن أحبهم واقتدى بهم, ونصر مذهبهم, كان له
نصيب من قول الله عز وجل :{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ {4}}الشرح.
ومن خالفهم, أوخذلهم, أو خذل
أتباعهم, أو تنقصهم, أو دافع عن منتقصيهم؛ كان له نصيب من قول الله عز وجل : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ {3}}الكوثر.
واعلم بارك الله فيك, أن الرجوع
إلى الحق, خير من التمادي في الباطل, كما قال عمر الفاروق _ رضي الله عنه_ .
والرجوع إلى الحق, دليل على
تعظيم الله عز وجل, وإيثار محبته ورضاه على محبة الناس ورضاهم .
قال أحد السلف: (لأن أكون ذنباً
في الحق, أحب إلىَّ من أن أكون رأساً في الباطل).
جعلني الله وإياكم, من أهل الحق,
القائلين له, والقائمين به, هذا والله أسأل, أن يعصمنا وإياكم, من الزلل, وأن
يرزقنا جميعاً العلم النافع والعمل الصالح, والفقه في الدين, وصلى الله وسلم على
نبينا ورسولنا محمد, وعلى آله, وأصحابه, والتابعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين.
وكتبه
سعيد بن هليل العمر
مدير المـعهد العلمي في حائل
الثلاثاء ـ 8/3/1425هـ
فهرس الموضوعات
الموضوع
الصفحة
المقدمه…………………………………………………… 2
النصيحة ………………………………………………… 5
ملحق النصيحة ………………………………………….. 19
فصل فضائل الصحابة رضي الله عنهم ووجوب الذب
عنهم …….. 21
فصل في وجوب محبتهم والذب عنهم من السنة ………………..
23
فصل الأمر بلزوم سنتهم والحذر من مخالفتهم ……………….
25
فصل في تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع
وأهلها ………. 26
فصل في تحذير السلف من البدع وأهلها ………………………. 27
فصل في علامة أهل البدع والأهواء ………………………….. 29
فصل في حكم السلف على المرء بقرينه ………………..……..
30
فصل الرد على الرسالة…………………………………….. 32
فصل في مشروعية الانتساب إلى السلف ………………………. 44
فصل في عدم جواز ذكر محاسن أهل البدع عقوبة لهم ………….. 53
الخاتمة…………………………………………………... 55
الفهرس………………………………………………….. 58


